كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
ولا ريب أن الجارم قال هذا البيت وفي محفوظه قول الأول:
لا يمنعنك خفض العيش في دعة نزوع نفس إلى أهلٍ وأوطان
تلقى بكل بلاد إن حللت بها أهلاً بأهلٍ وجيراناً بجيران
ومن قصيدة للجارم في ويلات الحرب العالمية الأولى، يقول:
لج به الموت فأودى به وحز منه اللّيت والأخدعا
واَخر البيت من قول الشاعر الأموي الصمة بن عبد اللّه القشيري:
تلفت نحو الحي حتى وجدتُني وجعت من الِإصغاء ليتاً وأخدعا
ويقول في وصف جريدة لم يسمها:
وكنت صحيفة الأبرار حفاً تلقتك الكنانة باليمين
وقد نظر في ذلك إلى قول الشماخ، في عرابة الأوسي:
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
ومن مرثيته لصديقه محمود فهمي النقراشي باشا، يقول الجارم:
شيئان ما عيب البكاء عليهما فقد الشباب وفرقة الألاف
وهذا من قول الشاعر:
شيعان لو بكت الدماء عليهما عيناي حتى يؤذنا بذهاب
لم يبلغا المعشار من حقيهما فقد الشباب وفرقة الأحباب
وهذه القصيدة التي رثى بها الجارم صديقه النقراشي، هي من اعلى شعره فناً
وإحكاماً، ومن اغربه لغة وبياناَ، وقد أقامها على البحر " الكامل "، واختار لها الفاء
المكسورة روياً، وأولها:
ماء العيون على الشهيد ذراف لو أن فيضاً من معينك كافي
واحسب أن الجارم حين جالت هذه القصيدة في نفسه: موضوعاً وبحراً
وروتاً، إنما كان يستدعي من مذخورة أخرى باذخة لأبي العلاء الصري، يرثي فيها
656