كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

وامر اَخر أشد وضوحأ هو أن كثيراً من تراثنا قد بفي موفوراً يملأ الخزائن
العامة والخاصة إلى عهدٍ قريب، وأن ما ضاع منه بسبب غفلة الناس وتفريطهم اكثر
مما ضاع بسبب عوادي الحروب والأيام، ولا زالت الأيام تظهرنا على مخطوطات
نفيسة كنا نعدها من المفقودات، وكم في الزوايا خبايا!
ولكي يعلم القارىء قدر العطاء العلمي الذي خلفه لنا سلفنا - عليهم
رحمة اللّه - فليراجع ما أَلّف من كتبٍ للفهرسة -! (الفهرست) لابن النديم،
أو (كشف الظنون عن اسماء الكتب والفنون) لمصطفى عبد النّه؟ وهو من انفع
وأجمع ما كُتب في موضوعه بالعربية، او (خزائن الكتب العربية في الخافقين:
للفيكونت فيليب دي طرَّازي؟ وقد أحصى في هذا الكتاب عدد المكتبات العربية في
العالم فبلغت نحو 0 150 مكتبةْ يمدر ما فيها من كتبٍ عربية بنحو 262 مليون مجلد
ما بين مخطوطٍ ومطبوع.
مراحل النشر:
لم يعدم المسلمون أسلوباَ في حفظ تراثهم ونشر 5؟ ففبل ان تظهر الطباعة كان
الأسلوب المعتمد في نشر كتب التراث هو النسخ، حتى راجت صنعة الوراقة
والنساخة، وكان لها اماكنها في الأمصار التي يؤمها العلماء.
ومع أن الطباعة ظهرت في القرن الخام! عشر على يد جوتنبرج الألماني،
وتبع ذلك انتشار المطابع في أوروبا ومنها مطابع عربية، إلاَّ ان المشرق الِإسلامي لم
يعرف الطباعة إلاَّ في وقتٍ متأخر عن ذلك، حيث بدأت في الَاستانة في 1551 م، ثم
في لبنان عام 0 161 م، وانتقلت بعدها إلى عدة أقطار.
المرحلة الأولى لنشر التراث:
ومما ينبغي ذكر 5 أن الطباعة صُبغت تنصيرية تبشيرية في تلك الفترة حتى أنشئت
مطبعة بولاق التي عرفت (بالمطبعة الأميرية) في القاهرة بعد رحيل نابليون بفترة وذلك
في عام 1819 م أو 1821 م، وطبع فيها مئات الكتب من مختلف الفنون من التفسير
661

الصفحة 661