كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

والحديث والأصول واللغة والتاريخ والطب والأدب وغير ذلك من فنون التراث.
ويمكن لي أن أسجل ثلاث حقائق اتسم بها نتاج تلك الفترة من كتب التراث:
أولاَ: أن النظرة للتراث كانت شمولية ترمي إلى إظهار كنوزه ونشر الأمهات
والأصول في كل فن، ولم يكن الدافع مادِّئاَ؟ لذلك غلب على الطباعة طباعة
الموسوعات.
ثانياَ: أن حركة إحياء التراث تزامنت مع إنشاء دار العلوم التي رأسها الشيخ
حسين المرصفي التي تمثل رد فعلِ قوي على الدعوة إلى العامية.
ثالثاَ: دور الأزهر كان بارزاَ وبَصْمَتُهُ كانت مميزة على نشاط المطبعة خلافأ
للحال في لبنان الذي سيطر عليه القساوسة والرهبان.
وانتشرت الكتب التي كانت تُطبع على نفقة بعض محبي العلم، وكان على
رأس من قام على تصحيج الكتب وإخراجها الشيخ نصر الهوريني، والشيخ محمد
عبد الرحمن المشهور بقُطَّة العدوى.
وظلت مطبعة بولاق تعمل وحدها قرابة أربعين سنة، ثم ظهرت المطابع
الأهلية التي كانت أولها المطبعة الأهلية القبطية (الوطن فيما بعد)، ثم تلتها مطبعة
وادي النيل، ثم تتابعت المطابع وتكاثرت.
وا لذي يهمنا أن نقف أمام ثلاثة أمور جديرة بالتأ مل في تقييم اعمال تلك ا لمرحلة:
1 - حرص المطابع في كثير من منشوراتها على طبع كتاب او اكثر بهامش
الكتاب الأصلي أو باَخره لصلة ذلك بالكتاب، او لمجرد نشر الكتب على أوسع
نطاق. ومن الطريف ان نرى خمسة كتب مطبوعة في كتاب واحد، وفي صفحةِ
واحدة اجتمعت خمستها في الصلب والهامش مفصولة بجداول.
إن ظاهرة طبع الكتب بهامش كتب أخرى هي ظاهرة فريدة دالة بوضوح على أ ن
الفوم كانوا في سباق لنشر العلم وإذاعته.
2 - أن الذين تولوا طباعة الكتب وتصحيحها كانوا من طبقة المشايخ
662

الصفحة 662