كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

ومن أعجب العجب أن المناقشة تكون حامية جداً، ويُدخل المناقشان وجوهاً
من النقص كثيرة على الرسالة، ثم تخلو اللجنة للمداولة، وتكون المفاجأة حصول
الطالب على الامتياز او مرتبة الشرف الأولى (ويا دار ما دخلك شر)، وأذكر أني كنت
اناقش طالباً في رسالة دكتوراه، ووجهت إليه أنا وزميلي مؤاخذات كثيرة، وحين
خلونا إلى تقدير الدرجة أصرّ المشرف على مرتبة الشرف الأولى، وأصررت انا
وزميلي على التي هي دونها، فغضب المشرف غضباً شديداَ، فقلت له: ايها الزميل
العزيز، الست ترى أننا وجهنا إلى الرسالة سهاماً كثيرة؟ فقال: بلى، فقلت: وأنت
تصر على ان تعطيها الدرجة العليا، قال: نعم، قلت: ما رايك لو جاءتنا رسالة أخرى
بهذا العنوان والموضوع وقد خلت من كثير من المؤاخذات التي أخذناها على رسالة
تلميذك، ماذا كنا نعطيها من التقدير؟ فحار واَبْلَس، ثم قال: خلاص يا دكتور، اعمل
معروف متحرجنيش مع الطالب!.
ومن الأمور المؤسفة أيضاً: ان الطالب حين يحصل على تقدير لا يعجبه يواسيه
المشرف قائلاَ: واللّه يا بني أنا كنت عاوز أعطيك التقدير الذي تحبه، ولكن الزملاء
غلبوني على ا مري، وهذا لا يصح لأن رأي اللجنة جماعي، والمجالس ا مانات.
ومن قضايا تقدير الدرجة: التفرقة أحياناً بين المعيد الذي يعمل داخل الكلية،
وبين الطالب الذي يتقدم من الخارج، فالأول يعامل برفق، ويدخل إلى حلبة
المناقشة هادئاً مطمئناً لأنه يعرف ما سيؤول إليه أمره، والثاني هو ونصيبه، وما ذلك
إلا لأن المعيد يُنظر إليه على أنه زميل المستقبل، وبعض الكبار يحبون أن يتخذوا يدا
عند الصغار، ولئه في خلقه شؤون.
ونعم إن بعض الشرفاء لا يعرفون هذه التفرقة، ومن ذلك ما حدث أخيراً في كلية
دار العلوم، حين أصر بعض الأساتذة على رفض رسالة دكتوراه قدمها مدرس مساعد
بالكلية، لأنه قد ظهر ان الرسالة مسلوخة من كتب بعض الأساتذة، والغريب أن ذلك
السارق قد وجد من يساعده وينتصر له من داخل الكلية، وباللّه نستدفع البلايا!
وهذا السارق إنما جزاه على السرقة وأغراه بها أنه وجد بعض الأساتذة الكبار
684

الصفحة 684