كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
المؤتمرات العلمية .. والنغمة المكرورة (1)
حضرت منذ ايام مؤتمراَ علمئاَ لِإحدى الكليات النظرية، تحت عنوان " التجديد
في العلوم العربية والِإسلامية "، وقد كثرت هذه المؤتمرات في السنوات الأخيرة كثرة
ظاهرة، ولو أن إنساناَ شغل نفسه بتتبع هذه المؤتمرات فتأمل الأوراق المقدمة لها،
والتوصيات التي انتهت إليها، لوجد تشابهاَ واضحاَ في هذه وتلك، فالقضايا هي
القضايا، والتوصيات هي التوصيات، وقد يجد اختلافاَ في طريقة المعالجة وفي
صورة التوصيات، ولكن الجوهر هو هو، على ما قال الشاعر:
عباراتنا شتى وحسنُك واحدٌ وكل إلى ذاك الجمال يشير
ولو أنَ الأمور كانت تجري في هذه المؤتمرات على سنن من الاستقامة
والِإنصاف والعدل، لقلنا لا بأس ولا نكران، فالطارف يذكَر بالتليد، والمكرر
احلى - كما يقول أهل الحديث، ولكن المشاركين في هذه المؤتمرات يشرقون
ويغربون، وتأتي كلمة التجديد بلمعانها وبريقها معينة لهم على ما هم بسبيله من
التنقص والمعابة لعلومنا جميعها، ولتاريخنا كله، فلا مهابة لعلم، ولا حصانة
لأحد، ألسنا تحت مظلة " البحث العلمي والموضوعية والتجرد"؟
وتسمع في هذه المؤتمرات احكاماَ ضخمة مكرورة، مثل: تفسير القرآن مليء
با لِإسرائيليات.
(تنبيه: نحن لم نُنْهَ عن الِإسرائيليات جملة، وكيف وقد اخرج البخاري ومسلم
__________
(1) مجلة "الهلال"، يونيه 5 9 9 1 م.
689