كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

وغيرهما ان رسول الله ع! ر قال: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"، اي بما
لا تعلمون كذبه).
ومن هذه الأحكام ايضاَ قولهم: الحديث مشحون بالوضع والضعف. والنحو
تعقيد وتأويلات، والبلاغة تكلف واصباغ، والعروض قيود ودوائر تدير الرأس،
والتاريخ ارستقراطي، كُتِبَ للخلفاء والملوك، والجغرافيا العربية بلهاء، وأدبنا
العربي غارق في الذاتية ومجالس السمر، إلى آخر هذه القضايا المألوفة، وهي
"شِنْشِنَة أعرِفُها من أَخْزَم " كما تقول العرب في امثالها.
لكن الخطورة في هذا الكلام في تلك المؤتمرات يقال بمحضر من الطلبة.
وهم على ما نعرف من قلَّة المحصول. وقد فام عندهم شيء من الشك في هذا الذي
يسمعون لا يستطيعون له دفعاَ ولا رداَ. لغرارتهم وجهلهم لها وللمكانة العالية
لأساتذتهم عندهم. وبخاصة أن هذه القضايا تساق في ثياب مزركشة من مثل
"الموضوعية والجدلية والِإشكالية وحتمية التاريخ والمنظومة الحضارية "، وهي
كلمات شديدة الأسر نافذة التأثير.
ويحدثني كثير من الطلبة عما يجدونه من تناقض صريح بين ما يسمعويه في
هذه المؤتمرات، وما يلقى عليهم داخل المدرجات وكأنهم يقولون: "كيف تُبَغَضُون
إلينا طعاماَ ثم تدعوننا إلى اكله ".
فيا أساتذتنا الاكرمين، ويا زملاءنا الأعزاء: رفقاَ بهؤلاء الصغار، حتى
لا توقعوا الشك في قلوبهم، وتورثوهم الحيرة والبلبلة، فتزلَّ قدم بعد ثبوتها.
-يم--0*7! ي-
690

الصفحة 690