كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

فراته أنت؟ فقال: نعم، قلت: وما رايك فيه؟ فاجاب بكلام عال جداَ، امسك عن
ذكره هنا حتى لا أزيد النار اشتعالاَ، ثم سألته: هل قرأت كتاب ابن بلدك الأستاذ
"محمود رؤوف ابو سعدة " عن إعجاز العَلَم الأعجمي في القرآن، الذي نشرته دار
الهلال؟ قال: نعم، ولكن لي عليه ملاحظات. وذكر منها أشياء جيدة، فأغراني ذلك
كله بمد حبال المحاورة معه، حتى جاء ذكر "الجاحظ "، فقال: الجاحظ عظيم، لكنه
غطى بشهرته على ادباء كبار، قلت: مثل من؟ قال: ابو حيان التوحيدي، قلت: هل
تقرا لأبي فهر محمود محمد شاكر؟ قال: نعم، واعظم أعماله "رسالة في الطريق
إلى ثقافتنا"، اما "أباطيل وأسمار"، فهو جيد، لكن فيه تكرار كثير.
وامتد الكلام إلى أدباء الحداثة، فقال: إنهم لا ينتجون أدباً جيداَ لأنهم
لا يقرأون، قلت: لعل عذرهم ضيق الوقت وكثرة الصوارف، قال: لا، لو رأيتهم
في قصور الثقافة، وهم ينفقون وقتاً طويلاَ في الثرثرة وفيما لا طائل تحته، لأخذك
العجب، ثم ناقشنا قضايا كثيرة كشفت عن اطلاعه الواسع. قلت: ما اسمك؟ قال:
" صلاح المصري "، وأعمل بالجزارة التي ورثتها عن أبي. وقبل ان اودعه قال: على
فكرة أنا خريج دار العلوم سنة 0 197، دفعة الدكتور الشاعر " عبد اللطيف
عبد الحليم ".
قلت: ومع هذا تبقى صورتك العطيمة عندي: انك جزار مثقف، أما تخرجك
في دار العلوم فلن يغني عنك شيئاَ، لقد عرفت من أبناء دار العلوم المحقق والعالم
والأديب والشاعر، لكني عرفت منهم أيضاَ من يكتب صورة "البقرة "، وصورة " آل
عمران " بالصاد لا بالسين، فهذا كما قال ربنا عر وجل: "يستَئ بِمَا! صصِدوَنُفَضِّلُ
بَغضَهَا عَكَ ئغمق فِى اَلاثُحُل " أ ا لرعد: 4 1.
وبعد: فهل بقي من الجزارين المثقفين أحد؟ اللّه أعلم. ولعلنا نظفر بالمزيد
منهم حتى يصبج لدينا " سلخانة " من المفكرين، و" مذبج " من النقاد.
"ث 3 - ييمث
692

الصفحة 692