كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

الندواتية (1)
واخيراَ، وبعد صبر وترفب وطول انتظار منَّ اللّه عليئَ ودُعيت إلى ندوة من
تلكم الندوات التي تتوالى في هذه الأيام ك! ا تتوالى دفعات المطر، وقد كثرت هذه
الندوات كثرة ظاهرة، فلا تُمسي بك ليلة بندوة حتى يأتيك صباح بأخرى.
وفي تلك الندوات تلتقي بثلاث فئات: رئيس الجلسة والمتحدث والمعفِّب،
وترى بين الثلاثة وداَ صافياً وانساَ عذباً. فهذا غني عن التعريف، وذاك ترك أعمالاً
جليلة ليشارك في ندوتنا هذه، وثالث يتواضع ويفول: إنه لا يستحق كل ذلك الثناء
(ويعلم النّه أن بداخله كبْراً يكفي أمة).
ويمضي النقاش بين الثلاثة ملفَّقاً في ثياب المصانعة والمس الرقيق، ثم يختم
بهذه العبارة الحانية: إن هذه الملاحظات لا تغض من قيمة البحث الذي استمتعنا به
اليوم، "ويعلم اللّه أنها تغض وستين تغض كمان "، وهكذا تسير الأمور، وإذا سمعت
شغباً أو حِدّة او ارتفاعاً في الأصوات، فلا تظن أن المسألة دخلت في باب الجد،
وإنما هو من قبيل قول الأحوص في عاتكة:
إني لأمنحك الصدود وإنني قسماَ إليك مع الصدود لأَمْيَلُ
لأن "الندواتية " يحب بعضهم بعضاً، ويحرصون على استبقاء الود بينهم، ترقُّباً
للندوات القادمة، ولعلهم مقدمون على خطوة كالتي خطاها كتاب بريد الأهرام،
فنسمع عن تكوين "أصدقاء الندوات "، وقد اصبحت أسماء "الندواتية" مكرورة
ومعروفة كأسماء كتاب بريد الأهرام تماماً.
__________
(1) مجلة "الهلال"، أ بريل 97 9 1 م.
699

الصفحة 699