كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
موائد الرحمن (1)
بعد أيام يهلّ هلال رمضان، وفي رحاب هذا الشهر الكريم يعيش الناس اياماً
طيبة حافلة بالنور والضياء، وتنبسط نفوس الصائمين بألوان كثيرة من الخير والبر،
من أظهرها وأبرزها ما عرف في السنوات الأخيرة من موائد الِإفطار التي نراها في
المساجد، وفي بعض الميادين، يتحلق حولها الصائمون ينعمون بأطايب الطعام.
وقد عرفت هذه الموائد باسم "موائد الرحمن "، وقد تأثرت هذه التسمية بما
يطلقه إخواننا السعوديون على الحجيج بأنهم " ضيوف الرحمن ".
وهذه الموائد تحقق للمصريين عادتهم في استدعاء مظاهر البهجة، وارتفاع
الأصوات الفرحة في اثناء رص الموائد ورش الماء أمامها، وتوزيع الأطباق "وعفبال
العودة يا حاج" "ونزلت كم طبق بالصلاة على النبي؟ " "وخللي بالك من الرجل
البركه دا والنبي ".
ولكن هل تحقق هذه الموائد الغاية التي يتغيَّاها هؤلاء المحسنون من إقامتها؟
وهل يستفيد منها اهل الحاجة فقط؟ أم أنها يغشاها من يستحق ومن لا يستحق، وما
نصيب النساء والأرامل منها؟ ثم ما نصيب هؤلاء الفقراء الذين يقعدهم الحياء
واستبقاء الكرامة عن غشيان هذه الأماكن العارية - وقد ورد في كلام بعضهم: الأكل
والنوم عورتان فاستروهما- وهؤلاء الفقراء هم الذين وصفهم النّه تعالى بقوله:
"تحسَبُهُصُ أتجَاهِلى أَتخيَا مِفَ اَلتَغَفُفِ تَغرِفُهُم بِسِيمَهُئم لَا لمجترتَ أفاسىَ
! تحَاجم! " 1 البقرة: 273)، ثم وصفهم بشار بقوله:
__________
(1) مجلة "الهلال"، ينا ير 7 9 9 1 م.
701