كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

الملحن العظيم رياض السنباطي ان خلت له الساحة في هذه الخمسينات، فمحمد
القصبجي وقف عند "رق الحبيب "، وقنع بأن يدندن خلف أم كلثوم على عوده،
والشيخ زكريا احمد اكتفى بأهل الهوى والأمل وأنا في انتظارك وهجر صوت
ام كلثوم هجراً غير جميل في قطيعة استمرت من سنة 1947 إلى 1959 (راجع مقالة
استاذنا كمال النجمي في هلال فبراير) فخلا وجه أم كلثوم للسنباطي من اواخر
الأربعينات إلى الخمسينات وما بعدها، فأبدع معها وبها، وكانت هذه الروائع: سلوا
كؤوس الطلا، وسلوا قلبي، والنيل، ونهج البردة، وولد الهدى، وإلى عرفات اللّه،
ورباعيات الخيام، واغار من نسمة الجنوب، ومصر تتحدث عن نفسها، وقصة
الأمس، وقصة حبي، وثورة الشك، وأراك عصي الدمع.
ثم هلت ليالي القمر، ويا اللي كان يشجيك أنيني، وغلبت أصاح في روحي،
وجددت حبك ليه، وسهران لوحدي، ويا ظالمني، وشمس الأصيل، وبهؤَدت
عيني، وهجرتك، واروح لمين، والحب كده.
وفي هذه الأغنية الأخيرة ملامح كثيرة من روح زكريا أحمد وبخاصة مطلعها،
والذي لا يعرف أنها من تلحين السنباطي يظنها للشيخ زكريا.
وقد كان جلال معوض موفقأ في اختيار هداة الليل موعدأ لبرنامجه الجميل
هذا، فالليل أبعث للشجن وأدعى للذكريات والبكاء معها وعليها. ألم يفل مجنون
بني عامر:
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا لي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ويجمعني والهم بالليل جامع
وأيضاً فإن جلال معوض قد أمتعنا بصوته الحلو الذي يجمع بين العذوبة
والفحولة، وهذا شان ابناء جيله: حسني الحديدي وصلاح زكي، ثم المفكر النابه
أحمد فراج.
***
704

الصفحة 704