كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

__________
(1)
كان ملء السمع والبصر، وكانت حياته بهجة للقلب والعقل جميعا، وحين
نعاه الناعي كادت النفس أن تفيض عليه، وغشي القلب حزن اسود كئيب، من هول
الرزء وفداحة المصاب، ولم يجد محبوه وعارفو فضله إلا قول ابي الطيب المتنبي:
طوى الجزيرة حتى جاءني خبر فزعت فيه بآمالي إلى الكذب
حتى إذا لم يدع لي صدقه املاً شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي
ولد محمد رشاد عبد المطلب في حي الجمالية بالقاهرة يوم الأربعاء 20 من
جمادى الأولى سنة 1335 هـ- 14 من مارس سنة 1917 م، وتوفي بالقاهرة يوم
الأحد 29 من ذي الحجة سنة 1394 هـ- 12 من يناير سنة 1975 م.
وبين هذين التاريخين حياة غريبة موغلة في الغرابة، عجيبة مسرفة في العجب،
وما ظنك بامرىء لم ينل من الشهادات - فاتحة الأبواب ومانحة المناصب - إلا
الشهادة الابتدائية، ثم هو مع ذلك باسط سلطانه على كل من كتب سطراً في التراث
الِإسلامي طيلة ثلاثين عاماَ، غيبة او حضوراً، يفزع إليه الدارسون، وترد عليه
الفتاوى من كل مكان، ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء.
ولأمر اراده الله كانت خطوات فقيدنا الأولى في حي الجمالية، حيث الأزهر
الشريف مهوى الأفئدة ومطمج الأنفس، وحيث الوِراقة والورَّاقون، والكتب الصفراء
صانعة الرجال، وحيث القاهرة بكل عطائها السخي وعطرها الأخاذ.
__________
(1) مجلة " الثقا فه "، يوليو 975 1 م.
83

الصفحة 83