كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
وكان رحمه الله إذا تكلم في فرع من فروع التراث اعتقدت انه لا يحسن غير 5:
وكان من العلوم بحيث يقضى له من كل علم بالجميع
ثم كان آية في إدراك العلائق بين الكتب والمؤلفين: تأثراً أو نقداًاو شرحاً
أو اختصاراً أو تذييلاَ، وأعجوبة في معرفة أسماء المؤلفين بكناهم وألقابهم،
والتمييز بين من اشتركوا منهم في شهرة أو كنية، كالسخاوي القارىء والسخاوي
المورخ. وهذا فن غاب رجاله، فما أكثر ما نرى في هذه الأيام خلطاً بين أبي حيان
التوحيدي الأديب، وابي حيان الأندلسي النحوي. والأمثلة في هذا المجال كثيرة
والِإمساك بنا أولى.
وقد تعدى تأثير رشاد عبد المطلب توجيه الدارسين وإفادة العلماء- إلى
الطابعين وناشري الكتب، فكان على صلة دائمة بهم، يشير عليهم بطبع أصول
الكتب، ويغريهم بالتأنق في إخراجها.
ولقد كان عمل رشاد عبد المطلب بمعهد المخطوطات علامة بارزة في تاريخ
نشر التراث في عصرنا الحديث.
ومعهد المخطوطات أنشىء بجامعة الدول العربية سنة 1946 م، وهذا المعهد
يقوم بعمل جليل، يستهدف استنقاذ ترائنا الِإسلامي من عوادي الزمن وغوائل الناس
والأيام، وذلك بتصويره من أماكن وجود 5 في شتى مكتبات العالم، ثم فهرسته
وتصنيفه وتقديمه للدارسين.
وقد التحق به رحمه الله سنة 1947 م، فشارك في إرساء قواعد 5، وواكب
نشاطه وتطوره، وخرج في بعثاته ينتقي ويختار، وتضم مكتبة المعهد الان مجموعة
نادرة من نفائس المخطوطا! في مختلف العلوم والفنون، كان لرشاد عبد المطلب
فضل اختيارها والتعريف بها، مع الرواد الأوائل: يوسف العش، ومحمد بن تاويت
الطنجي، وصلاح الدين المنجد. وحين وضعت أصول نشر التراث في العصر
الحديث - وفي مقدمتها جمع نسخ الكتاب - واندفع العلماء ينشرون ما لم ينشر،
86