كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

ودواوين الشعراء الجاهليين والمخضرمين والمولَّدين، فباع منها في مدة عام كامل ما
شاء أن يبيع لأهل إفريقية، ثم تحول بعد ذلك في سنة 330 هإلى الأندلس بما بقي له
منها. وقد حفظ لنا أبو بكر بن خير الإشبيلي قائمة بأسماء هذه الدواوين في فهرست
ما رواه عن شيوخه (1).
تواصل أدباء المشرق والمغرب، وإن ظلت رحلات المغاربة إلى المشرق اكثر
وأدوم لأسباب كثيرة، من أبرزها أن المشرق كان ولا يزال طريق المغاربة للحج،
الركن الخامس من أركان الدين الحنيف.
وحين انتدب المغاربة للتصنيف والكتابة ظهر في إنتاجهم مشابه من مناهج
المشارقة وطرائقهم في الكتابة، مما حدا ببعض النقاد والمؤرخين أن يربطوا بين
الِإنتاج المشرفي والمغربي، على نحو يريد أن يثبت دائماً أن المغاربة قد تأثروا
بالمشارقة في كل ما يعالجون، فهم يقولون: إنَ ابن زيدون بحتري المغرب (2)، وإنَّ
أبا بكر الزبيدي الاشبيلي، صاحب كتاب "مختصر العين " في المغرب بمنزلة ابن
دريد في المشرق (3)، وإنَّ ابا الحسن بن بسام الشنتريني صاحب كتاب "الذخيرة في
محاسن أهل الجزيرة " قد تأثر بأبي منصور الثعالبي ونسج على منواله في كتابه:
" يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر" (4). إلى غير ذلك من الأمثلة.
(1) فهرست ما روا 5 عن شيوخه ابو بكر محمد بن خير الِإشبيلي، صفحة 395 - 397، نشر
المكتب التجاري - بيروت، وانظر ما كتبه العلآَمة حسن حسني عبد الوهاب، عن العناية
بالكتب وجمعها في إفريقيا التونسية، من القرن الثالث إلى الخامس للهجرة - مجلة
المخطوطات العربية بمصر، المجلد الأول، صفحة 72.
(2) ابن زيدون: عصره وحياته وأدبه، للأستاذ علي عبد العظيم، صفحة 508، وانظر أيضاَ:
الذخيرة لابن بسام - الجزء الأول من القسم الأول، صفحة 326.
(3) مقدمة تحفيق كتاب مختصر العين، صفحة (هـ)، للأستاذين علال الفاسي ومحمد بن تاويت
الطنجي، طبعة الرباط.
(4) مقدمة تحقيق اليتيمة، صفحة 13، للأستاذ الثيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، ومقدمة
تحقيق الذخيرة، صفحة (أ، ب)، للأستاذ الدكتور طه حسين.
93

الصفحة 93