كتاب الجرح والتعديل - اللاحم

شكل، فتتصحف الكلمة بما يحيل المعنى، ولا يقع مثل ذلك في الأخذ من أفواه الرجال، وكذلك التحديث من الحفظ يقع فيه الوهم، بخلاف الرواية من كتاب مُحَرَّر" (¬١).
وقد دفع هاجس الخوف من الخطأ والسهو حين التحديث من الحفظ جماعة من الرواة إلى التزام التحديث من الكتب، مع قوة حافظتهم، قال أبو بكر الخلال: "عن عباس بن محمد الدوري: سمعت يحيى بن معين يقول: دخلت على أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، فقلت له: أوصني، فقال: لا تحدث المسند إلا من كتاب، قال: وكذلك قال علي بن المديني: قال لي سيدي أحمد بن حنبل: لا تحدث إلا من كتاب" (¬٢).
وقال ابن المديني أيضا: "ليس في أصحابنا أحفظ من أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وبلغني أنه لا يحدث إلا من كتاب، ولنا فيه أسوة" (¬٣).
وقال ابن حبان في محمد بن المثنى أبي موسى المعروف بالزَّمِن: "كان صاحب كتاب، لا يحدث إلا من كتابه" (¬٤).
ومن طريف ما يذكر هنا قصة أبي بكر بن أبي شيبة حين ورد بغداد، فقد روى الخطيب من طريق محمد بن إبراهيم الأنماطي المعروف بمُرَبَّع قال: "قدم علينا أبو بكر بن أبي شيبة، فانقلبت به
---------------
(¬١) "سير أعلام النبلاء"٧: ١١٤.
(¬٢) "تهذيب الكمال"١: ١٦٥.
(¬٣) "شرح علل الترمذي"١: ٤٨١.
(¬٤) "الثقات"٩: ١١١.

الصفحة 126