الصورة الأولى: توثيق الراوي أو تضعيفه في شيء معين، كروايته عن شيخ بعينه، أو عن أهل بلد معين، أو في فترة زمنية معينة، أو فيما حدث به في بلد معين، أو يفرق بين حفظه وكتابه، على ما تقدم شرحه في المبحث الثاني من الفصل الأول.
فهذا لابد فيه من التدقيق في كلام الناقد؛ إذ يحتمل أن تكون النسبية مقصودة، فقد يكون الراوي في الحال الذي وثق فيه في أعلى مراتب التعديل، وحينئذٍ فتضعيفه في بعض حالاته لابد أن يراعى فيه حالته العامة؛ إذ يحتمل أن يكون مقصود الناقد أنه في تلك الحالة دون ما هو عليه الراوي أصلا، لا تضعيفه على ما جرى عليه الاصطلاح.
وعكسه كذلك أن يقوى الراوي في بعض حالاته بالنسبة للبعض الآخر، أي أنه أحسن حالا من هذه، لا أنه ارتفع فيها عن حيز الضعف.
فعند تحديد درجة الراوي في إحدى حالتيه لابد -بالإضافة إلى التدقيق في ألفاظ الناقد نفسها من مراعاة حاله الأخرى، ويتأكد هذا إذا كان الناقد قد استخدم أفعل التفضيل، فقد تكون على غير بابها أصلا.
مثال ذلك الإمام الأوزاعي، هو في عموم حاله في الذروة العليا من الثقة والضبط، ولكن تكلم بعض النقاد في روايته عن يحيى بن أبي كثير، وذلك أنه احترق ما كتبه عنه، وقيل: ضاع (¬١)، فصار يحدث بما
---------------
(¬١) "مسائل أبي داود" ص ٤١٩، ٤٢٠، و"سؤالات الآجري لأبي داود"٢: ٢٠٢، و"المعرفة والتاريخ"٢: ٤٠٩، و"مسند أبي عوانة"١: ٣٢١، و"شرح علل الترمذي"٢: ٧٤٦.