برواية العبادلة: عبد الله بن وهب، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وأنها أصح من روايته بعد تغيره (¬١)، فذهب بعض الباحثين إلى تصحيح حديثه أو تحسينه من رواية هؤلاء عنه، ولا يظهر ذلك، فإن المقصود بتقوية روايته قبل تغيره: أي بالنسبة لروايته في آخر عمره، فإنه ضعف جدا، وصار يقرأ كل ما دفع إليه، سواء كان من حديثه أو لم يكن، فرواية المتقدمين عنه أقل ضعفا، صالحة للاعتبار.
وقد تقدم في المبحث الثاني من الفصل الأول ذكر نماذج لمن كان ثقة في حال، وتكلم في روايته في حال أخرى، أو زادوا في تقويته في حال أخرى، ومن هو أصلا ضعيف، قووه في بعض حالاته، أو زادوا في تضعيفه، ومنه يدرك ضرورة مراعاة النسبية في مثل هذه الأحوال.
الصورة الثانية: مقارنة الراوي بغيره، فقد درج النقاد كثيرا على القيام بالمقارنة بين الرواة، إما لأنهم سئلوا عنهم جميعا، أو لتقريب مرادهم للسامع، وقد تقدم شرح ذلك وتفصيله في المبحث الثالث من الفصل الأول.
والذي يهمنا هنا هو أن تلك المقارنات يلزم للاستفادة منها جيدا ملاحظة النسبية فيها، فالناقد بصدد مقارنة بين راويين أو أكثر، ولا شك أن هذا يختلف عن إطلاق حكم مستقل في الراوي.
ومراعاة النسبية هنا تكون أولا بالتدقيق في كلام الناقد، إذ يحتمل أن يكون أقحم في المقارنة أمورا أخرى غير درجة الراوي، مثل كثرة محفوظه، أو صلاحه وفضله، أو فقهه، أو نحو ذلك، وهذا أيضا قد
---------------
(¬١) "تهذيب التهذيب"٥: ٣٧٣ - ٣٧٩.