كتاب الجرح والتعديل - اللاحم

تقدم شرحه بأمثلته في ذلك المبحث.
ثم -وهذا هو المهم- تراعى النسبية في ألفاظ الناقد المتعلقة بدرجته في الرواية؛ إذ قد يطلق الناقد توثيق أحدهما ومقصوده بالنسبة للآخر، ولو حكم عليه مفردا لم يوثقه، أو يضعفه كذلك ومقصوده بالنسبة للآخر.
قال أبو الوليد الباجي موضحا ذلك: "اعلم أنه قد يقول المعدل: فلان ثقة، ولا يريد أنه ممن يحتج بحديثه، ويقول: فلان لا بأس به، ويريد أنه يحتج بحديثه، وإنما ذلك حسب ما هو فيه ووجه السؤال له، فقد يسأل عن الرجل الفاضل في دينه المتوسط حديثه، فيقرن بالضعفاء، فيقال: ما تقول في فلان وفلان؟ فيقول: فلان ثقة، يريد أنه ليس من نمط من قرن به، وأنه ثقة بالإضافة إلى غيره، وقد يسأل عنه غير هذا الوجه فيقول: لا بأس، فإذا قيل: أهو ثقة؟ قال: الثقة غير هذا ...
وقد روى عباس بن محمد الدوري، عن ابن معين أنه قال: محمد بن إسحاق ثقة، وليس بحجة، وأصل ذلك أنه سئل عنه، وعن موسى بن عُبَيْدة الرَّبَذي: أيهما أحب إليك؟ فقال: محمد بن إسحاق ثقة، وليس بحجة، فإنما ذهب إلى أنه أمثل في نفسه من موسى بن عُبَيْدة الرَّبَذي ... " (¬١).
ومن صريح الأمثلة لما تقدم قول عثمان الدارمي: "سألته (يعني ابن معين) عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، كيف حديثهما؟ فقال:
---------------
(¬١) "التعديل والتجريح"١: ٢٨٣ - ٢٨٨، وقد لخص هذا الفصل بن حجر في مقدمة "لسان الميزان"١: ١٧.

الصفحة 444