كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف
-114
بالفتح، ولم تدخل بلده وحرمه كما دخله رسول الله! ك! واضعا رأسه منحنيا
على فرسه حتى ان ذقنه تكاد تمس سرجه تواضعا لربه، وخضوعا لعظمته،
واستكانة لعزته: ان أحل له حرمه وبلده، لم يحل لأحد قبله ولا لأحد بعده،
وليبين -سبحانه- لمن قال: "لن نغلب اليوم عن قلة": أن النصر انما هو من
عنده، وأنه من ينصره؟ فلا غالب له، ومن يخذله؟ فلا ناصر له غيره، وانه
-سبحانه- هو الذي تولى نصر رمموله ودينه لا كثرتكم التي اعجبتكم، ف! نها
لم تغن عنكم شيئا، فوليتم مدبرين، فلما انكسرت قلوبكم، أرسلت إليها خلع
الجبر مع بريد النصر، فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، وأنزل
جنودا لم تروها.
وقد اقتضت حكمته أن خلع النصر وجوائزه إنما تفيض على أهل
الانكسار، قال -تعالى-: (ونريد أن نمن على ا لذيى استتضعفوا فى آلأزض
ونجعلهتم أبفلأ ونجعلهم الورثين! ونمكن لهتم فى آلأزض ونرى
فزعؤت وهمن وجنودهما منهم ما صانوا يخدروت!! ا القصص:
5 - 16" (1).
8/ 87 - من وجد من حبيبه نفرة او جفوة عليه أن يتهم نفسه لا غيره.
القلوب الهبة تربطها وشائج المودة؟ ف! ذا تنافرت فبذنب يحدثه احدهما؟
لقوله ي: "ما تواد اثنان في الله؟ فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما" (2).
ولذلك إذا وجد المرء من اخيه جفوة ونفرة؟ فليتهم نفسه قبل حبيبه؟
هذا هو الإنصاف، فأما اخوة يوسف؟ فاتهموا أباهم ولم يتهموا انفسهم،
(1) الزاد المعاد" (3/ 77 4 - 78 4).
(2) "صحيح الجامع الصغير" (5479).