كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف

- 120
الأصل في التوبة ان تقع بعد الذنب الذي يقع غفلة او جهلا او ضعفا
من العبد، اما التوبة التي تعد سلفا؟ فهي نوع من المكر والكيد والاحتيال
الذي يزينه الشيطان لينزغ بين الجاني والجني عليه.
وفيها عدة مفاسد:
الأولى: ان فيها تسويفا بالتوبة، وما يدريه انه يمكن منها بعد وقوع
الذنب.
الثانية: انها دافع للشر وتسويغه.
الثالثة: أن فيها استصغار للمعصية واستخفاف بفعلها.
يقول عبد الحميد كحيل:
"وهذا رأي يدل على منتهى الدهاء، والمكر، وإحكام التدبير، فقد
خيرهم في سلوك احد طريقين كلاهما يقضي على يوسف القضاء المبرم،
وأتى برايه على صيغة الأمر ليكون اشد تأثيرا عليهم، وليحملهم على المبادرة
إلى تنفيذه. ما راه، وليقطع عليهم سبيل المعارضة، وفاجأهم باقتراح القتل أولا
ليصدع به قلوبهم، ثم اسرع إلى اقتراح "طرحه أرضا، ليهون على من كبر
القتل على نفوسهم قبول هذا الرأي والأخذ به.
صماني لأتصور هذا القائل الذي يمثل الراس المدبر، يلهب الشعور
ويشعل الصدور، ويثير فيهم كوامن الحقد، ويدفعهم إلى الشر دفعا، ويأمرهم
بالاسراع بتنفيذ ما يراه صالحا لهم، ويصل بهم إلى الغاية التي ينشدونها من
أقرب طريق .. (اقتلوا يوسف!: اخفوا اثره من الوجود، (أو اطرحوه
أرضا!: إن ابت نفوسكم الإقدام على القتل، فارموه في ارض بعيدة ليهلك
فيها او يغيب طول حياته، فلا يرجع إلى أبيه أبدا ... ف! ن فعلتم أي الأمريبئ
يخل لكم وجه ابيكم، فيقبل عليكم وحدكم، ولا يجد امامه من ينظر إليه
كيركم، فيصفوا لكم وده، ويجتمع لكم حبه، ولا يكون من يشرككم في معزته

الصفحة 120