كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف

167 -
وعن ابي الجعد الضمري - وكانت له صحبة - رضي الله عنه- عن
الني! ب! قال: "من ترك ثلاث جمع متهاونأ بها، طبع الله على قلبه " (؟).
ومعنى (تهاونأ بها)؟ اي: لقلة الاهتمام بأمرها، لأن الاستخفاف بفرائض
الله -تعالى- كفر، ونصب على أنه مفعول لأجله او حال؟ اي: متهاونأ.
فلعل تاركي صلاة الجمعة -من هؤلاء وغيرهم - ينتبهون، ويفيقون من
غيهم الذي هم فيه سادرون، وإلا، فمصيرهم الطبع على قلوبهم، فلا تغشاها
الألطاف، ولا رحمة الله -تعالى-، بل تبقى دنسة وسخة، مستعملة في الآثام
والقبائح - والعياذ بالله- إذ الطبع: الختم، فتكون قلوبهم ذات جفاء، لا يصل
إليها شي من الخير.
وظاهر الحديث والأثر السابقين: أن من ترك ثلاث جمع تهاونأ- أي بلا
عذر- يطبع على قلبه، ويكون من الغافلين والمنافقين، لو كان الترك متفرقأ،
وبه قال بعضهم، حتى لو ترك كل سنة جمعة، لطبع على قلبه بعد الثالثة.
ويحتمل أن يكون المراد ثلاث جمع متواليات. ويؤيده أثره ابن عباس
السابق.
واعتبار الثلاث إمهال من الله - تعالى - للعبد، ورحمة به، لعله يتوب من
ذنبه، ويثوب إلى رشده، ويؤدي الجمعة، ولا يتركها بلا عذر.
وأفاد الحديث: أن من وجبت عليه الجمعة، وتركها لغير عذر، فهو آثم
إثمأ كبيرأ، يستحق مرتكبه العذاب الأليم.
(1) أخرجه الترمذي (5 5 5)، وأبو داود (52 5 1)، والنسائي (3/ 88)، وأحمد
(3/ 425،424)، وابن ماجه (125 1) وغيرهم، وهو حديث صحيح.

الصفحة 167