كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف
17 -
إن نمو الإسلام في القلب، وفهم ما جاء به من الحكم والمعارف، التي
ترقي النوع البشري، يتوقف على معرفة العربية حق المعرفة ...
أنزل الله القرآن بلسان العرب، وخاطبهم فيه بما يعرفون، وبما يفهمون؟
ف! و وحي من الله إليهم مباشرة ...
وأما الأمم الاخرى التي تأخذ القرآن عن العرب؟ فلا بد لهم من معرفة
اللغة العربية تدريجيا، وكذا معرفة أحوال العرب وعاداتهم وتاريخ! م
! ماصلاحاتهم، حتى يتيسر لهم فهم القرآن على حقيقته، وبعد ذلك فهم غير
محتاجين لشيء اخر" (1).
- شريعتها، ويهتدي بهديتها، ويكون في ذلك كله كما قال الشافعي -رضي الله عنه-:
تبعأ لا متبوعا.
وقد أشار إلى هذا المعنى والدي الأستاذ الأكبر الشيخ محمد شاكر -حفظه الله-
في كتابه "القول الفصل في ترجمة القرآن الكريم إلى اللغات الأعجمية " (ص ا او 12)
قال: "وهل يأمن أولئك الذين يشجعون انتشار الترجمة الإنجليزية بين الشعوب
الإسلامية هنا وهناك أن يصبحوا بأنفمسهم من جملة العوامل في وضع الحدود الفاصلة
بين الإسلام الغربي والإسلام الإنكليزي، لا في الأمم والشعوب غير العربية وحدها،
بل قي الأمم العربية أنفسها، بما حبب إلى الناس من النزوع إلى التقليد الأوروبي، حبا
في التجديد والانتقال، وبغضا لكل قديم، مهما كان له من الآثار الصالحة في تكوين
تلك العصبية التي ينظر إليها المستعمرون كما ينظرون إلى ألد" الأعداء فى طرائق
الاستعمار ومغالبة الشعوب الشرقية "، ثم قال: "فهل يريد أولئك الذين أصابتهم حمى
التجديد والانتقال، بثورتهم هذه على القرآن الكريم في ثوبه العربي: أن يشهدوا اخر
مصرع للجامعة الإسلامية، إذ يجدون في الجمهوية التركية قرانا تركيا، وفي المستعمرات
الإنكليزية قرآنا إنبهليزيأ، وفي مستعمرات الدول الأخرى قرآنأ فرنسيا، وآخر طليانيا، أ و
إسبانيا، أو هولنديا".
(1) "مؤتمر تفسير سورة يوسف " (1/ 96 - 97) بتصرف.