كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف

-18

2/ 11 - اثبات علو الله على خلقه وامشواءه على عرشه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"والذي يجب القطع به: ان الله ليس كمثله شيء في جميع ما يصف به
نفسه، فمن وصفه بمثل صفات المخلوقين في شيء من الأشياء؟ فهو مخطىء
قطعا؟ كمن قال: إنه ينزل؟ فيتحرك، وينتقل؟ كما ينزل الإنسان من السطح الى
اسفل الدار؟ كقول من يقول: إنه يخلو منه العرش؟ فيكون نزوله تفريغا لمكان
وشغلا لآخر؟ فهذا باطل يجب تنزيه الرب عنه.
وهذا هو الذي تقوم على نفيه وتنزيه الرب عنه الأدلة الشرعية
والعقلية؟ ف! ن الله حسبحانه وتعالى - اخبر انه الأعلى، وقال: (ممبح آصتصربك
الأغلى! ا الأعلى: 11.
ف! ن كان لفظ العلو لا يقتضي علو ذاته فوق العرش؟ لم يلزم أن يكون
على العرش.
وحيمئذ؟ فلفظ النزول ونحوه يتأول قطعا إذ ليس هناك شيء يتصور منه
النزول.
وإن كان لفظ العلو يقتضي علو ذاته فوق العرش؟ فهو -سبحانه-
الأعلى من كل شيء؟ كما أنه كبر من كل شيء.
فلو صار تحت شيء من العالم؟ لكان بعض مخلوقاته أعلى منه، ولم يكنن
هو الأعلى، وهذا خلاف ما وصف به نفسه.
وايضا؟ فقد أخبر: انه خلق السماوات والأرض في ستة ايام، ثم امشوى
على العرش؟ ف! ن لم يكن امشواؤه على العرش يتضمن أنه فوق العرش؟ لم
يكن الاستواء معلوما، وجاز حيمئذ ان لا يكون فوق العرش شيء؟ فيلزم
تأولل النزول وغيره.

الصفحة 18