كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف
- 182
جلدهم وقوتهم ذاهبين إلى أن السكوت عند رد الجواب بدعة، مقيمين على
فكرتهم، مصرين على مخالفة أبيهم، متغلبين على ذهنه، متسلطين على إرادته،
وهكذا ما زالوا يحتالون عليه بكلام يثقب الخردل، ويحط الجندل، وما برحوا
يجادبونه جدال هجوم، وأبوهم يجادلهم مدافعة حتى وقع قولهم في نفسه
وغلب أخيرأ على أمره، تغلبوا عليه وهو واحد، وقد قيل: "ضعيفان يغلبان
قويا" فكيف إذا كانوا جماعة أقوياء؟ فلذلك ولكونهم أمنوه ووعدوه كانت
النتيجة أن سمح لهم بأخذه، ورضي بذهابه معهم، وسلم لهم تسليما، صمان
كاد يكون تسليما اغتصابيا" (1).
79 امما ا- قول الحق قد يراد به الباطل.
إن حكمهم على أنفسهم بالخسارة إن كل الذئب أخاهم حق، ولكنهم
قالوه استدراجا لأبيهم؟ ليحققوا غرضهم الباطل.
وهكذا أهل الأهواء والبدع دائما يستدلون بعمومات الشرع وهي حق،
وينزلونها على مقاصدهم الباطلة 6 كما فعل الخوارج عندما قالوا: (إ ن
الحكم إلا لله! أيوسف:. 4)، فقال علي -رضي الله عنه-: كلمة حق يراد
بها بخاطل.
قال ابن عاشور:
"وفي هذا عبرة من مقدار اظهار الصلاخ مع استبطان الضر
والإهلاك " (2).
80 امما ا- استعمال الأحرف ذات النبرة القوية لحسم الأمر.
(1) المرجع نفسه (1/ 342).
(2) "التحرير والتنوير" (12/ 232).