كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف

-202

"في الآية دليل على ان بكاء المرء لا يكون دليلا على صدق قوله؟
لاحتمال ان يكون تصنعا؟ كما حصل لأولاد يعقوب " (1).
قال القرطي:
"هذه الاية دليل على ان بكاء المرء لا يدل على صدق مقاله؟ لاحتمال
ان يكون تصنعا، فمن الخلق من يقدر على ذلك، ومنهم من لا يقدر، وقد
قيل: إن الدمع المصنوع لا يخفى؟ كما قال حكيم:
اذا اشتبكت دموع في خدود
تبين من بكى ممن تباكى " (2)
قال ابن عاشور:
"وقد اطلق هنا على البكاء المصطنع، وهو: التباكي، وإنما اصطنعوا
البكاء تمويها على ابيهم؟ لئلا يظن بهم انهم اغتالوا يوسمف حليه السلام -
ولعلهم كانت لهم مقدرة على البكاء مع وجدان موجبه، وفي الناس عجائب
من التمويه والكيد،.ومن الناس من تتأثر اعصابهم بتخيل الشيء ومحاكاته
فيعتريهم ما يعتري الناس بالحقيقة، وبعض المتظلمين بالباطل يفعلون ذلك،
وفطنة الحاكم لا تنخلأع لمثل هذه الحيل، ولا تنوط بها حكما، وإنما يناط
الحكم بالبينة.
جاءت امراة إلى شريح القاضي تخاصم في شيء، وكانت مبطلة؟ فجعلت
تبكي، واظهر شريح عدم الاطمئنان لدعواها؟ فقيل له: اما تراها تبكي؟ فقال:
(1) "أيسر التفاسير" (2/ 0 0 6).
(2)! الجامع لأحكام القرآن " (9/ 45).

الصفحة 202