كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف

-208

ورسوله، ف! نه شاف كاف، بل معاني هذه الأسماء معلومة من حيث الجملة
للخاصة والعامة، بل كل من تأمل ما تقوله الخوارج والمرجئة في معنى
الإيمان، علم بالاضطرار أنه مخالف للرسول، ويعلم بالاضطرار ان طاعة الله
ورسوله من تمام الإيمان وأنه لم يكن يجعل كل من أذنب ذنبا كافرأ، ويعلم انه
لو قدر أن قوما قالوا للبي يك!: نحن نؤمن بما جئتنا به بقلوبنا من غير شك،
ونقر بالسنتنا بالشهادتين، إلا انا لا نطيعك في شيء مما امرت به ونهيت عنه،
فلا نصلي ولا نصوم ولا نحج، ولا نصدق الحديث، ولا نؤد! الأمانة، ولا
نفي بالعهد، ولا نصل الرحم، ولا نفعل شيئا من الخير الذ! أمرت به،
ونشرب الخمر، وننكح ذوات المحارم بالزنا الظاهر، ونقتل من قدرنا عليه من
أصحابك وأمتك، وئاخذ أموالهم، بل نقتلك ايضا ونقاتلك مع أعدائك، هل
كان يتوهم عاقل ان البي عفي! و يقول لهم: انتم مؤمنون كاملوا الإيمان، وأنتم
من أهل شفاعتي يوم القيامة، ويرجى لكم أن لا يدخل أحد منكم النار، بل
كل مسلم يعلم بالاضطرار أنه يقول لهم: أنتم أكفر الناس بما جئت به
ويضرب رقابهم إن لم يتوبوا من ذلك.
وكذلك كل مسلم يعلم أن شارب الخمر والزاني والقاذف والسارق، لم
يكن البي! يجعلهم مرتدين يجب قتلهم، بل القرآن والنقل المتواتر عنه يبين
أن هؤلاء لهم عقوبات غير عقوبة المرتد عن الإسلام، كما ذكر الله في القرآن
جلد القاذف والزاني وقطع السارق، وهذا متواتر عن الني! ر، أولو كانوا
مرتدين لقتلهم، فكلا القولين مما يعلم فساده بالاضطرار من دين الرسول
ع!.
وأهل البدع إنما دخل عليهم الداخل؟ لأنهم أعرضوا عن هذه الطريق،
وصاروا يبنون دين الإسلام على مقدمات يظنون صحتها، إما في دلالة
الألفاظ، صماما في المعاني المعقولة، ولا يتأملون بيان الله ورسوله، وكلء

الصفحة 208