كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف

-210

في ان الإيمان هو التصديق: قوله: (ومآ أنت بمؤتن ئنا! أصرسف:117؟ اي:
بمصدق لنا.
فيقال لهم: اسم الإيمان قد تكرر ذكره في القرآن والحديث كثر من ذكر
سائر الألفاظ، وهو اصل الدين، وبه يخرج الناس من الظلمات إلى النور،
ويفرق بين السعداء والأشقياء، ومن يوالي ومن يعادي، والدين كله تابع لهذا،
وكل مسلم محتاج إلى معرفة ذلك، افيجوز أن يكون الرسول قد أهمل بيان
هذا كله، ووكله إلى هاتين المقدمتين؟ ومعلوم ان الشاهد الذي استشهدوا به
على ان الإيمان: هو التصديق انه من القران، ونقل معنى الإيمان متواتر عن
الني! اعظم من تواتر لفظ الكلمة، ف! ن الايمان يحتاج إلى معرفته جميع الأمة
فينقلونه، نحلاف كلمة من سورة، ف! ثر المؤمنين لم يكونوا يحفظون هذه
السورة، فلا يجوز ان يجعل بيان اصل الدين مبنيأ على مثل هذه المقدمات،
ولهذا كثر النزاع والاضطراب بين الذين عدلوا عن صراط الله المستقيم
وسلكوا السبل، وصاروا من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعأ، ومن الذين
تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، فهذا كلام عام مطلق.
ثم يقال: هاتان المقدمتان كلاهما ممنوعة، فمن الذي قال: ان لفظ
الإيمان مرادف للفظ التصديق 3 وهب ان المعنى يصح إذا استعمل في هذا
الموضع، فلم قلت: إنه يوجب الترادف؟ ولو قلت: ما انت بمسلم لنا، ما انت
بمؤمن لنا صح المعنى، لكن لم قلت: إن هذا هو المراد بلفظ مؤمن؟ واذا قال
الله: (وأقيموا الضلرة!: ولو قال القائل: اتموا الصلاة، ولازموا الصلاة،
التزموا الصلاة، افعلوا الصلاة، كان المعنى صحيحأ، لكن لا يدل هذا على
معنى: أقيموا فيكون اللفظ يرادف اللفظ، يراد دلالته على ذلك.
ثم يقال: ليس هو مرادفأ له، وذلك من وجوه:

الصفحة 210