كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف
-212
فاعل والا؟ ف! نما يقال: صدقته، لا يقال: صدقت له، ولو ذكروا الفعل، لقالوا:
ما صدقتنا، وهذا بخلاف لفظ الإيمان، فمانه تعدى إلى الضمير باللام دائما، لا
يقال: امنته قط، وانما يقال: امنت له، كما يقال: أقررت له، فكان تفسيره
بلفظ الإقرار، أقرب من تفسيره بلفظ التصديق، مع أن بينهما فرقا.
الثاني: انه ليس مرادفا للفظ التصديق في المعنى، ف! ن كل مخبر عن
مشاهدة أو غيب يقال له في اللغة: صدقت، كما يقال: كذبت، فمن قال:
السماء فوقنا، قيل له: صدق، كما يقال: كذب، وأما لفظ الإيمان؟ فلا
يستعمل إلا في الخبر عن غائب، لم يوجد في الكلام أن من اخبر عن مشاهدة؟
كقوله: طلعت الشمس وغربت، أنه يقال: امناه، كما يقال: صدقناه، ولهذا
المحدثون والشهود ونحوهم، يقال: صدقناهم، وما يقالا: امنا لهم، ف! ن الإيمان
مشتق من الأمن، ف! نما يستعمل في خبر يؤتمن عليه المخبر، كالأمر الغائب
الذي يؤتمن عليه المخبر، ولهذا لم يوجد قط في القرآن وغيره لفظ: امن له، إلا
في هذا النوع، والاثنان إذا اشتركا في معرفة الشي ء، يقاذ: صدق أحدهما
صاحبه، ولا يقال: امن له؟ لأنه لم يكن غائبا عنه ائتمنه عليه؟ ولهذا قال: (،
لامن لهر لوط! 1 العنكبوت:26 ا، (أنومن لبشرين مثلنا! أ المرمنون:147،
(ءامنتم لص! أطه: ا 7 ا، (يؤمن بالله ويومن لقمومنى! 1 التوبة:161
فيصدفهم فيما أخبروا به مما غاب عنه، وهو مأمون عنده محلى ذلك، فاللفظ
متضمن مع التصديق ومعنى الائتمان والأمانة، كما يدل عليه الاستعمال
والاشتقاق، ولهذا قالوا: (ومآ أنت بمؤمن لنا! أيوسف:17 ا؟ أي لا تقر
نحبرنا، ولا تثق به، ولا تطمئن إليه، ولو كنا صادقين؟ لأنهم لم يكونوا عنده
ممن يؤتمن محلى ذلك، فلو صدقوا لم يأمن لهم.