كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف

52 -

الأحلام لوجدنا جميغ المنامات التي يراها الناس هي من هذا القبيل، نعم
وربما وقعت الرؤيا للأنبياء صريحة وربما وقعت لهم من باب التمثيل.
والخلاصة: أن مدار انتقاد المنتقد السابق على تحتم ان تكون رؤيا
الأنبياء صريحة دائما.
ومدار جوابنا على جواز ان تكون رؤياهم في بعض الأحيان من قبيل
التمثيل، وعلى كل حال؟ ففرق عظيم بين رؤيا الأنبياء -عليهم الصلاة
والسلام - ورؤيا غيرهم من الناس ومن لم يفرق بين الرؤيتين؟ فهو كمن لم
يفرق بين التوم والثوم (1).
الكلمة الثانية: احوج الناس إلى اعتبار المرائي المنامية وتصديقها هم
النصارى؟ وذلك لأنهم يقولون: إن يوسف النجار خطيب السيدة مريم
اتهمها لما راها حبلى، وأراد تخليتها سرأ، ولكنه عدل عن ذلك بما راه في النوم
من الرؤيا المنامية التي نفت عنها الفاحشة والتهمة الكاذبة؟ فهذه الرؤيا التي
راها في نومه هي التكأة الكبرى والدعامة الوحيدة التي استند إليها يوسف
النجار في براءة السيدة مريم مما اتهمها به، مع أن يوسف عندهم ليس بني
يوحى إليه، وغايته أنه رجل صالح من صالحي بني إسرائيل، وهذه الحكاية
عندهم مسطورة في (سفر متى) هكذا: "لما كانت مريم أمة مخطوبة ليوسف
قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من روح القدس؟ فيوسف رجلها إذ كان بارأ
ولم يشأ أن يشهرها، اراد تخليتها سرأ، ولكن فيما هو مفتكر في هذه الأمور،
إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلأ: يا يوسف لا تخف أن تأخذ مريم
امرأتك؟ لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس ".
(1) التوم جمع تومة، وهي اللؤلزة، والثوم معروف.

الصفحة 52