كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف
53 -
فهذا المنام الذي دفع التهمة عن السيدة مريم معتبر عند النصارى، وبناء
عليه؟ فجميع المرائي المنامية يجب أن تكون عندهم قي محل الاعتبار، وأما قول
شراح المرائي وغيرهم من المسيحيين (1): لم يبق بعد المسيح لزوم لإعلان الله
إرادله للناس في النوم وليس من احتياج لذلك؟ فهو دعوى مجردة عن
البرهان، ولا يؤيدها العقل، بل إن صدق ألوف الألوف من المرائي المنامية
التي رإها ويراها الناس بعد المسيح يناقض هذه الدعوى (2).
الكلمة الثالثة: الرؤيا المنامية ولو كانت صحيحة وحقا، فهي لا تحرم
حلالا، ولا تحلل حرامأ، ولا يترتب عليها حكم شرعي، وقد حكي أن رجلا
صالحأ فقيرأ رأى رؤيا: أن الني خميه جاءه في نومه وقال له: إن في موضع كذا
ركازأ، احضر وخذه، ولا تؤد خمسه؟ فقام من نومه صباحأ، وأخذ ما يقتضي
لحفر الأرض؟ فاطلع على الركاز، فذهب إلمما الشيخ عز الدين بن عبد السلإم
يستفتيه في عدم إعطاء خمسه لبيت المال، حسب ما قال له الني منامأ، فقال له
الشيخ عز الدين: يجب عليك أن تؤدي خمسه لبيت المال، كما أفتانا الني غ! فه
يقظة، وفتواه في اليقظة مقدمة على فتواه في المنام، نعم إن رؤيا الني حق،
ولكن يحتمل عدم ضبط الألفاظ تمامأ؟ فلعله قال لك: وأد خمسه لبيت المال.
ؤأنت سمعته يقول: ولا تؤد خمسه.
وهكذا قال الفقهاء: لو اختلف المسلمون في آخر يوم من شعبان: هل
غدأ من رمضان أم لا؟ ثم رأى رجل الني! شييه في نوسه، وسمعه يقول له: إ ن
(ا-) الصواب أن يقال: النصارى.
(2) إيراد مثل هذه الحكايات من كتب النصارى هو لإلزامهم بها.
وأما شرعنا الحنيف، فهو كامل شامل لا يحتاج إلى غيره بل هو مهيمن عليه، وهو
يقوم على أصول قطعية الثبوت من الكتاب والسنة وفهم السلف.