كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف
55 -
"فكانت هذه الرؤيا مقدمة لما وصل إليه يوسف -عليه السلام - من
الارتفاع في الدنيا والآخرة، وهكذا إذا أراد الله أمرأ في الأصول العظام قذم
بين يديه توطئة له، وتسهيلا لأمره، واستعدادأ لما يرد على العبد من المشاق،
ولطفا بعبده، وإحسانا إليه.
فأولها يعقوب بأن الشمس أمه، والقمر أبوه، والكواكب إخوته، وأنه
ستنتقل به الأحوال إلى أن يصير إلى حال يخضعون له ويسجدون له إكراما
صىعظاما، وأن ذلك لا يكون إلا بأسباب تتقدمه من اجتباء الله له واصطفائه
إياه، صىتمام نعمته عليه بالعلم والعمل والتمكين في الأرض، وأن هذه النعمة
ستشمل ال يعقوب الذين سجدوا له وصاروا تبعا له فيها" (1).
وقال ابن عاشور:
"وابتداء قصة يوسف -عليه السلام - بذكر رؤياه إشارة إلى أن الله هيأ
نفسه للنبوة؟ فابتدأه بالرؤيا الصادقة ...
وفي ذلك تمهيد للمقصود من القصة وهو: تقرير فضل يوسف -علجه
السلام - من طهارة وزكاة نفس وصبر، فذكر هذه الرؤيا في صدر القصة؟
كالمقدمة والتمهيد للقصة المقصودة.
وجعل الله تلك الرؤيا تنبيها ليوسف -عليه السلام - بعلو شأنه ليتذكر
كلما حلت به ضائقة؟ فتطمئن بها نفسه أن عاقبته طيبة " (2)
ف! ن قيل: لم لم ير يوسف -عليه الصلاة والسلام - رؤيا تدل على ما
سيصيبه من شر؟.
(1) "تيسير الكريم الرحمن " (ص 393).
(2) "التحرير والتنوير" (2 1/ 8 5 2).