كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف
919 -
استفهمت، ولا يصلح هذا أن يكون معنى الاستيئاس، ف! ن أحدأ لا يطلب
اليأس وششدعيه، ولأن استيأس فعل لازم متعد.
ويكون للاستفعال لصيرورة المستفعل على صفة غيره، وهذا يكون في
الأفعال اللازمة؟ كقولهم: استحجر الطين؟ أي: صار كالحجر، واستنوق
الفحل؟ أي: صار كالناقة. وأما النظر فيما اصشيأسوا منه، ف! ن الله -تعالى- ذكر
ذلك في قصة اخوة يوسف حيث قال: (فلما آستتشوأ منه ".
وأما الرسل؟ فلم يذكر ما استيأسوا منه، بل أطلق وصفهم بالامشيئاس،
فليس لأحد أن يقيده بأنهم استيأسوا مما وعدوا به، وأخبروه بكونه، ولا ذكر
ابن عباس ذلك.
وثبت أن قوله: (وظنوا أنهتم قذ صدبوا! لا يدل على ظاهره، فضلا
عن باطنه: أنه حصل في قلوبهم مثل تساو! الطرفين فيما أخبروا به، ف! ن
لفظ الظن في اللغة لا يقتضي ذلك؟ بل يسمى ظنا ما هو من كذب الحديث
عن الظان؟ لكونه أمرأ مرجوحأ في نفسه.
واسم اليقين والريب والشك ونحوها يتناول علم القلب وعمله
وتصديقه، وعدم تصديقه وسكينته وعدم سكينته، ليست هذه الأمور بمجرد
العلم فقط؟ كما يحسب ذلك بعض الناس، كما نبهنا عليه في غير هذا
الموضع.
اذ المقصود هنا الكلام على قوله: (حتى إذا آستئس آلرسل ". ف! ذا
كان الخبر عن استيئاسهم مطلقأ؟ فمن المعلوم أن الله إذ وعد الرسل والمؤمنين
بنصر مطلق -كما هو غالب إخباراته- لم يقيد زمانه ولا مكانه، ولا سح! ه، ولا
صفته، فكثيرأ ما يعتقد الناس في الموعود به صفات أخر! لم ينزل عليها
خطاب الحق، بل اعتقدوها بأسباب أخر!، كما اعتقد طائفة من الصحابة