كتاب إتحاف الإلف بذكر الفوائد الألف والنيف من سورة يوسف

925 -
جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن.
خذ إليك مثلا على ذلك: المقصد من جميع الحكومات هو العدل، دمانما
تختلف الدول في القوانين المقررة له، باختلاف احوال الأمم، فليس من العقل
ولا الصواب أن تنكر الأمة تغيير حاكم جديد ما كان عليه من قبله إذا كان
يوافقه في جعله مقررا للعدل مقيما لميزانه بين الناس كما كان أو كمل، وهو
في هذه الحالة يسمى مصدقا لما بين يديه لا مكذبا ولا مخالفا، فالقرآن قرر نبوة
إبراهيم وموسى وداود وعيسى ونحوهم، وصدقهم فيما جاءوا به عن الله-
تعالى -، ووبخ الأقوام المدعين اتباعهم، على إضافتهم لبعض ما جاءوا به،
وتحريفهم للبعض، وزيادتهم في بعض المواضع، وعلى عدم الاهتداء والعمل
بما هو محفوظ عندهم، حتى أن أكثرهم هدموا الأساس الأعظم للدين، وهو
التوحيد، فثلثوا واتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن.
مريم، وما امروا إلا ليعبدوا إلها واحدا، فتصديق القرآن لما بين يديه، لا ينافي
مانعاه عليهم من الإضافة والنسيان والتحريف والتأويل المغلط.
القرآن مصدق لما قبله من كتب التوحيد
ثالثا: القرآن مصدق للكتب السالفة في التوحيد، وروح العبادة، وتزكية
النفس بالأعمال التي تقوم الملكات، وتهذب الأخلاق،! في الكليات الخمس،
وهي: حفظ الدين، بعدم الردة والكفر، وحفظ النفس؟ بثدم الانتحار وقتل
الناس، وحفظ المال؟ بعدم السرقة والربا والغش والخيانة، وحفظ النسب؟
بالتباعد عن الزنا، وحفظ العقل؟ بأن لا يتعاطى مسكرا ولا مخدرا؟ هذه هي

الصفحة 935