"أَن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة ذات الرّقاع، فَرُمِي رجلٌ بسهم فنزَفَه الدّم، فركع وسجد، ومضى في صلاته".
قال الفقير إلى عفو ربه: وهذا قد ذكره البخاري معلّقًا بصيغة التمريض (¬1)، ووصلَه غيره بسندٍ ضعيف (¬2).
ثمّ على فرض أنّه صحيح، فليس فيه حجّة؛ لأُمور:
الأوَّل: أنها قضية عَيْن لا عموم لها.
الثاني: أَن آثار الصحابة متَّفقة على خلافه.
"ومِمّن يرى نقضَ الوضوء بالدّم الخارج من غيِر السبيلين:
-الخلفاءُ الأَربعة.
- وقيل: باقِي العشرة المبشرين بالجنة.
- وابن مسعود، وابن عباس، وثوبان، وأَبو الدرداءِ، وزيدُ بن ثابت، وأَبو موسى الأَشعري، وابن عُمر" (¬3).
الثالث: أَن يقال: إن ذلك كان على الأَصل، وآثار الصحابة ناقلة عنه.
وقد اتفق أَهل العلم على نجاسة الدّم؛ منهم:
¬__________
(¬1) (34 - باب من لم ير الوضوء إلَّا من المخرجين من القبل والدبر).
(¬2) "وصله ابن إسحاق في "المغازي"، قال: حدّثني صدقة بن يسار، عن عقيل بن جابر، عن أَبيه؛ مطوّلًا.
وأَخرجه أَحمد، وأَبو داودَ، والدارقطني (1/ 223 - 224).
وصحَّحه ابن خزيمة، وابن حبَّان، والحاكم؛ كلّهم من طريق ابن إسحاق؛ وشيخُه صدقة ثقة، وعَقيل -بفتح العَين- لا أَعرف راويًا عنه غير صدقة؛ ولهذا لم يجزم به المُصَنِّف؛ أَو لكونه اختصرَه؛ أَو للخلاف في ابن إسحاق" "فتح الباري" (1/ 85).
وحسنه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (1/ 357 - 359 / رقم: 193 - غراس)، والله أعلم.
(¬3) انظر: "المَنهل العذب المَورود" (2/ 234).