كتاب تحرير علوم الحديث (اسم الجزء: 1)

إضرار بكتبة الحديث، وخاصة المقلين منهم والحاملين لحديثهم في الأسفار، ويذهب بذكر ما مثلناه مدة من الزمان، فساغ لهم لأجل هذه الضرورة استعمال: عن فلان " (¬1).
ومن الدليل على إرادة التخفيف في استعمالها:
قول عفان بن مسلم: جاء جرير بن حازم إلى حماد بن زيد، فجعل جرير يقول: " حدثنا محمد، قال: سمعت شريحاً. حدثنا محمد، قال: سمعت شريحاً "، فجعل حماد يقول: " يا أبا النضر: عن محمد عن شريح، عن محمد عن شريح " (¬2).
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل لأبيه: أبو معاوية فوق شعبة، أعني في حديث الأعمش؟ فقال: " أبو معاوية في الكثرة والعلم _ يعني علمه بالأعمش _، شعبة صاحب حديث يؤدي الألفاظ والإخبار، أبو معاوية عن عن مع أن أبا معاوية يخطئ على الأعمش خطأ " (¬3).
وقال الوليد بن مسلم: " كان الأوزاعي إذا حدثنا يقول: حدثنا يحيى، قال: حدثنا فلان، حدثنا فلان، حتى ينتهي، فربما حدثت كما حدثني، وربما قلت: (عن عن عن) تخففنا من الأخبار " (¬4).
والعلماء في حكم الإسناد المعنعن على مذاهب، يعتبر التنبيه فيها على ثلاثة:

المذهب الأول: هو من قبيل المرسل والمنقطع (¬5).
وهذا ذكره ابن الصلاح، ولم ينسبه لأحد، وهو مذكور عن شعبة بن الحجاج.
¬_________
(¬1) الكفاية (ص: 553 _ 554).
(¬2) أخرجه أحمد في " العلل " (النص: 4262) وإسناده صحيح.
(¬3) العلل ومعرفة الرجال (النص: 2680).
(¬4) أخرجه يعقوب بن سفيان في " المعرفة " (2/ 464) وإسناده صحيح.
(¬5) انظر: المحدث الفاصل، للرامَهرمُزي (ص: 450)، والسنن الأبين، لابن رُشيْد (ص: 22 _ 25).

الصفحة 166