كتاب تحرير علوم الحديث (اسم الجزء: 1)

مرفوعاً، أحياناً يوجد ذلك من رواية ابن سيرين نفسه عن أبي هريرة، يكون حدَّث به عنه لا يذكر الرفع، وتارةً يذكره، كما يكون مرفوعاً من رواية غير ابن سيرين عن أبي هريرة.
وهذا ما جاءت به الطرق للحديث المذكور، فإنه رواه من البصريين: أيوب السخستاني (¬1)، وهشام بن حسان (¬2) وعمران بن مسلم القصير (¬3)، جميعاً عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم به.
واستدل الخطيب لما حسب بقول ابن سيرين: " كل شيء حدثت عن أبي هريرة فهو مرفوع " ... (¬4).
وصح عن محمد بن سيرين: أنه كان إذا حدث عن أبي هريرة، فقيل له: عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: " كل حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " (¬5).
قال الطَّحاوي: " وإنما كان يفعل ذلك؛ لأن أبا هريرة لم يكن يحدثهم إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم " (¬6).
وفي هذا عن ابن سيرين فائدة خاصة، وهي أن الخبر إذا جاء عنه عن أبي هريرة مرفوعاً وموقوفاً، فإن ذلك لا يعد من الاختلاف القادح في صحة الرفع، بل الحكم بالرفع متعين.
¬_________
(¬1) أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (1/ 580 رقم: 2210) ومُسلم في " صحيحه " (1/ 459).
(¬2) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/ 138 رقم: 11631).
(¬3) أخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (ص: 21) وابن عدي في " الكامل " (6/ 169).
(¬4) أخرجه يعقوب بن سفيان في " المعرفة والتاريخ " (3/ 22) ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية " (ص: 589) وإسناده صحيح.
(¬5) أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1/ 20) وإسناده جيد.
(¬6) شرح معاني الآثار (1/ 20).

الصفحة 31