كتاب تحرير علوم الحديث (اسم الجزء: 1)

واعلم أن مما يلتحق بهذه اللفظة في المعنى: قولهم: (ليس بالمتين) على معنى قولهم: (ليس بالقوي) بتفصيله.

22 _ قولهم: (إلى الضعف ما هو).
عبارة تليين شائعة، لكنها قليلة الاستعمال في كلامهم، والتليين فيها لم أجده إلا من جهة سوء الحفظ.
كقول أحمد بن حنبل في (عاصم بن عبيد الله بن عاصم العمري): " حديثه وحديث ابن عقيل إلى الضعف ما هو " (¬1).
وقالها يحيى بن معين في (بشر بن حرب الندبي) (¬2).
ويَبَيِّنُها قول أبي حاتم الرازي في (الصلت بن دينار الأزدي): " ليِّنُ الحديث، إلى الضعف ما هو، مضطرب الحديث، يكتب حديثه " (¬3).
وهؤلاء الرواة جميعاً عرفوا بسوءِ الحفظ، وحديثهم يعتَبَر به، ولا يحتج به، وبعضهم أرفع من بعض، وعبد الله بن محمد بن عقيل من أحسنهم حالاً، وقد يحسن حديثه مع لينه.
وشذَّت عبارة يعقوب بن شيبة في (عبد الكريم بن مالك الجزَريِّ)، حيث قال: " إلى الضعف ما هو، وهو صدوق ثقة " (¬4).
قلت: وابن شيبة يجمع بين ألفاظ لا تأتي على استقامة مصطلحاتهم، فتنبَّه، وكأنه يعني هنا أن الجَزريَّ يُتردَّدُ فيه بين أن يكون صدوقاً أو ثقة، إذ في حفظه ما يميل به إلى الضعف عن درجة الثقات، وليس المراد الضعف الذي ينزل بالراوي عن درجة الاحتجاج، بل إن الجزريَّ ممن يحتج بحديثه.
¬_________
(¬1) أخرجه ابنُ عساكر في " تاريخه " (25/ 266) بإسناد جيد.
(¬2) الكامل، لابن عدي (2/ 158).
(¬3) الجرح والتعديل (2/ 1 / 438).
(¬4) أخرجه ابنُ عساكر في " تاريخه " (36/ 466) بإسناد جيد.

الصفحة 600