كتاب تحرير علوم الحديث (اسم الجزء: 1)

والتحقيق: أن الضعف العائد إلى سوء الحفظ قد يبلغ صاحبه حد الترك، كما بينته في (تفسير الجرح)، لكن يندُرُ ذلك في الرواة الذين قيلت فيهم هذه العبارة، بل أكثرهم يعتبر بحديثه، ولا يكادُ يقبل حديث من رجح له هذا الوصف لذاته وإن كان منعوتاً بالصدق.

25 _ قولهم: (فيه نظر).
شاع استعمال هذه العبارة عن البخاريِّ، واستعملها غيره من المتقدمين بقلَّة، كأبي حاتم الرازي وابن عديِّ وأبي أحمد الحاكم وغيرهم، وأكثر من استمالها من المتأخرين أبو المحاسن محمد بن علي الحسيني صاحب " الإكمال في ذكر من له رواية في مسند أحمد ".
وقد قال الذهبي في تفسيره هذه اللفظة: " قلَّ أن يكون عند البخاري رجل فيه نظر، إلا وهو متهم " (¬1)، وقال في موضع آخر: " لا يقول هذا إلا فيمن يتهمه غالباً " (¬2).
قلت: لكن المتَتَبَّع لاستعمال البخاري له لا يجد ما أطلقه الذهبي صواباً، بل إنك تجده قالها في المجروحين على اختلاف درجاتهم، كما قالها في بعض المجهولين الذين لم يتبيَّن أمرهم لقلة ما رَوَوا، بل قالها في رواة هم عند غيره في موضع القبول.
فقالها في (عبد الحكيم بن منصور الخزاعي) (¬3)، وهو متروك متهم.
وقالها في (حريث بن أبي مطر الحنَّاط) (¬4)، وهو منكر الحديث.
¬_________
(¬1) ميزان الاعتدال (3/ 52).
(¬2) ميزان الاعتدال (2/ 416)، وقالَ في " الموقظة " (ص: 83): " هوَ عندَه أسوأ حالاً من الضعيف ".
(¬3) التاريخ الكبير (3/ 2 / 125).
(¬4) التاريخ الكبير (2/ 1 / 71).

الصفحة 603