كتاب تحرير علوم الحديث (اسم الجزء: 1)

مسلم في " صحيحه " في موضع واحد (¬1)، وهو صدوق حسن الحديث، وثقه أبو حاتم الرازي وأبو داود السجستاني وابن حبان (¬2).
وأكثر الذين قال فيهم البخاري تلك العبارة هم ممن يكتب حديثه ويعتبر به، وفيهم جماعة كانوا قليلي الحديث، غير مشهورين به، لا يَصِلون إلى حدِّ السُّقُوط، خلافاً لما قاله الذهبي.
ومما يبين مراد البخاري بقوله هذا، ما ذكره الترمذي عنه من قوله في (حكيم بن جبير): " لنا فيه نظر "، قال الترمذي: " ولم يعزم فيه على شيء " (¬3).
فهذا يدل على أن هذه العبارة من البخاري فيمن هو في موضع تأمُّل وتوقُّف عنده، فهي عبارة احتراز عن قبول حديث الراوي والاحتجاج به، أو الاعتبار به، ولكونِها توقفاً عن القبول، فهي في جملة ألفاظ الجرح، وإن لم يقصد البخاري إلحاق الجرح بمن أطلقها عليه.
وأكثر ما يقال: هي من عبارات الجرح المجملة، يبحث عن تفسيرها في كلام سائر النقاد في ذلك الراوي.
وإذا عرف هذا في دلالة هذا اللفظ، تبين المراد بقوله أيضاً: (في حديثه نظر)، فالمعنى فيه غير خارج عما ذكرت من توقف البخاري في قبول حديث ذلك الراوي، أو إسناده، تارة بسببه، وتارة من جهة علة دونه في الإسناد، لا يقضى معها بقبول خبره، أو بالدلالة على أمره في إدخاله في جملة رواة العلم.
ومثال ما كان مورد النظر بسببه، قول البخاري في (إسماعيل بن
¬_________
(¬1) صحيح مُسلم (الحديث رقم: 878).
(¬2) الجرح والتعديل (1/ 2 / 102)، سؤالات الآجري (النص: 42، 381)، الثقات، لابن حِبان (4/ 138).
(¬3) العلل الكبير (2/ 969).

الصفحة 605