كتاب تحرير علوم الحديث (اسم الجزء: 1)

وجدير أن تلاحظ هنا أنَّ من يعتبر به ممن هذا نعته، فإنما هو الاعتبار بغير المنكر من روايته؛ لأن المنكر كما بينت في (القسم الثاني) من هذا الكتاب لا يعتبر به.
2 _ وسئل أحمد بن حنبل عن (عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقيِّ)، قيل له: يروى عن الإفريقيِّ؟ قال: " لا، هو منكر الحديث " (¬1)، وقال أبو زرعة في (محمد بن عبد الله بن نمران): " منكر الحديث، لا يكتب حديثه " (¬2)، وقال أبو حاتم الرازي في (مسلمة بن علي الخُشَنيِّ): " ضعيف الحديث، لا يشتغل به "، فقال له ابنه: هو متروك الحديث؟ قال: " هو في حد الترك، منكر الحديث " (¬3).
فهذه الأمثلة دلت على أن (منكر الحديث) يكون في منزلة المتروك الذي لا يعتبر به.
3 _ وقال يحيى بن معين في (محمد بن سعيد الشامي المصلوب): " منكر الحديث " (¬4).
فهذا رجل معروف بالكذب ووضع الحديث، ووصفه يحيى بكونه (منكر الحديث).
وعلمنا كون هذا الاستعمال هنا أريد به المتروك الكذاب بدلالة المعروف عن النقاد في شأنه.
إذاً استعمالهم لهذه اللفظة يجب أن يراعى فيه درجة الجرح بها، ولا
¬_________
(¬1) العلل ومعرفة الرجال، رواية المرُّوذي (النص: 204).
(¬2) سؤالات البرذعي (2/ 336).
(¬3) الجرح والتعديل (4/ 1 / 268).
(¬4) تاريخه (النص: 5110)، واعلم أن يحيى بنَ معينٍ على كثرةِ كلامه في النقلة فإنه من أقلِّهم استعمالاً لعبارة (مُنكر الحديث).

الصفحة 613