كتاب تحرير علوم الحديث (اسم الجزء: 1)

على الموافقة لما قال لفظاً أو معنى , وقال ابن عدي: " كل أحاديثه تُخالفُ الثقات في أسانيدها ومتونها " (¬1)، ومنهم من قال: " متروك الحديث ".
وقالها في (جُميع بن ثُوب الرَّحبيِّ)، وقال ابن عدي: " عامَّةُ أحاديثه مناكير، كما ذكره البخاري " (¬2).
قلت: وهذا من ابن عدي تفسير ظاهر لمراد البخاري بهذه اللفظة، والتي تؤكد ما ذكرته آنفاً أنَّه مراد أئمة الشأن.
وقالها البخاري في (إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة)، ولم يقله غير ممن سبقه، بل قال أحمد بن حنبل: " ثقة "، وقال ابن معين: " صالح "، لكن وافقه عليه من أقرانه أبو حاتم الرازي، وفسَّره فقال: " شيخ ليس بقوي، يكتب حديثه، ولا يُحتج به، منكر الحديث " (¬3)، فكأنه يقول: له أحاديث مناكير، ولم يغلب ذلك على حديثه إلى درجة أنه صار لا تحل الراوية عنه.
وهذا ابن عدي يقول بعدما حرَّر مروياته: " له غير ما ذكرته من الأحاديث، ولم أجد له أوحش من هذه الأحاديث، وهو صالح في باب الرواية، كما حكي عن يحيى بن معين، ويكتب حديثه مع ضعفه " (¬4).
قلت: وكان البخاري قال مرة: " عنده مناكير " (¬5)، وهذه أظهر في أمره من الإطلاق المتقدِّم، لكن دل هذا على أن تلك العبارة من البخاري لا تعني دائماً أن يكون الراوي الموصوف بذلك ينزَّل منزلة المتروك الساقط، والذي هو مقتضى عبارة: " لا تحل الرواية عنه ".
¬_________
(¬1) الكامل (2/ 298).
(¬2) الكامل (2/ 417).
(¬3) الجرح والتعديل (1/ 1 / 83 _ 84).
(¬4) الكامل (1/ 383).
(¬5) التاريخ الأوسط (2/ 135).

الصفحة 615