كتاب تحرير علوم الحديث (اسم الجزء: 1)

وقالها البخاري في (عبد الله بن خالد بن سلمة المخزومي)، وكذلك قال أبو حاتم الرازي (¬1)، وفسر أمره ابن عدي، فقال: " ليس به من الحديث إلا اليسير، ولعله لا يروي عنه غير محمد بن عقبة " (¬2).
ومن بابه (عبد الله بن المؤمل المخزومي)، قال أبو داود: " منكر الحديث " (¬3)، وكان قليل الحديث، كما بين ذلك ابن حبان فقال: " قليل الحديث، منكر الرواية، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد؛ لأنه لم يتبين عندنا عدالته فيقبل ما انفرد به، وذاك أنه قليل الحديث، لم يتهيأ اعتبار حديثه بحديث غيره لقلته، فيحكم له بالعدالة أو الجرح، ولا يتهيأ إطلاق العدالة على من ليس نعرفه بها يقيناً فيقبل ما انفرد به، فعسى نحل الحرام ونحرم الحرام برواية من ليس بعدل، أو نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل اعتماداً منها على رواية من ليس بعدل عندناً، كما لا يتهيأ إطلاق الجرح على من ليس يستحقه " (¬4).
قلت: وفي هذا بقاء على أصل استعمال هذه اللفظة فيمن لم يرو إلا المنكر أو غلب ذلك على حديثه، فهذا وإن لم يرو إلا اليسير، لكن جميعُ ذلك منكر، فصح أن يكون (منكر الحديث)، وهذا جرح له بالنظر إلى مروياته دون حاله.
ويستثنى من دلالة الاصطلاح في استعمال (منكر الحديث) صورة تحتاج إلى تيقظ، وهي:
ما وقع من استعمال بعض المتقدمين هذا الوصف يريد به أن الراوي يتفرد ويُغْرب.
¬_________
(¬1) الجرح والتعديل (2/ 2 / 45).
(¬2) الكامل (5/ 367).
(¬3) تهذيب الكمال، للمزي (16/ 190).
(¬4) المجروحين (2/ 28).

الصفحة 616