كتاب تحرير علوم الحديث (اسم الجزء: 1)

نعم، يوجد في بعضهم من يمكن وصفه بقلة الرواية على ضعفه، لكن لا يصح أن يحمل عليه مراد يحيى؛ لأنه الأقل مقارنة بالصنف الآخر.
والصواب أن عبارة يحيى هذه: عبارة جرح مجملة في تحديد قدر الجرح وسببه، ولا تخرج عن نفس مراد غيره من النقاد على ما يأتي ذكره عن المنذري.
ومما يدل على ذلك:
ما حكاه الآجري، قال: قلت لأبي داود: العوَّام بن حمزة حدث عنه يحيى القطان، قال عباس عن يحيى بن معين: إنه ليس بشيء، قال: " ما نعرف له حديثاً منكراً " (¬1).
وحين نقل عثمان الدارمي عن ابن معين قوله في (سليمان بن داود الخولاني): " ليس بشيء "، قال عثمان: " أرجو أنه ليس كما قال يحيى، وقد روى يحيى بن حمزة أحاديث حساناً كلها مستقيمة " (¬2).
وقال المنذري: " أما قولهم: (فلان ليس بشيء)، ويقولون مرَّة: (حديثه ليس بشيء)، فهذا ينظر فيه: فإن كان الذي قيل فيه هذا قد وثَّقه غير هذا القائل، واحتج به، فيحتمل أن يكون قوله محمولاً على أنه ليس حديثه بشيء يحتج به، بل يكون حديثه عنده يكتب للاعتبار وللاستشهاد وغير ذلك. وإن كان الذي قيل فيه ذلك مشهوراً بالضعف، ولم يوجد من الأئمة من يحسن أمره، فيكون محمولاً على أن حديثه ليس بشيء يحتجُّ به، ولا يعتبر به ولا يستشهد به، ويلتحق هذا بالمتروك " (¬3).
قلت: فهذا يؤكد أن هذه العبارة من قبيل الجرح المجمل.
¬_________
(¬1) سؤالات الآجري (النص: 355)، وعِبارة ابنِ معين في رواية عباس الدوري (النص: 4244): " ليسَ حديثه بشيء ".
(¬2) تاريخ الدارمي (النص: 386).
(¬3) جوابُ المنذري عن أسئلة في الجرح والتعديل (ص: 86).

الصفحة 620