كتاب تحرير علوم الحديث (اسم الجزء: 2)

الصورة الثانية: أن يروي الحفاظ الأثبات عن ثقة حديثاً بإسناد معين، وينفرد ثقة متقن عنهم، فيرويه عن ذلك الثقة بإسناد آخر للحديث.
مثاله: ما رواه عامة أصحاب الأعمش عنه، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم في سؤال اليهود إياه عن الروح، ونزول قوله تعالى: {ويسألونك عن الروح}.
كذلك قال في إسناده عن الأعمش: وكيع بن الجراح، وأبو معاوية الضرير، وحفص بن غياث، وعيسى بن يونس، وعبد الواحد بن زياد، وغيرهم (¬1) وهؤلاء من الحفاظ الأثبات من أصحاب الأعمش.
خالفهم عبد الله بن إدريس الأودي، فقال: عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود، به (¬2).
وابن إدريس ثقة حافظ لا يختلف فيه.
وهذه الرواية تختلف عن الأولى، لكنها لا تناقضها، ويخاف من مثلها من راو صد وق لم يعرف بمتانة الحفظ، أو كان ثقة قليل الحديث، فلا يحتمل أن يأتي بمثل هذه المخالفة؛ لعدم تبين إتقانه لمثلها لقلة ما جاء به، بل ربما كان مجيء مثل هذه الرواية عنه دليلاً على لينه.
أما من ثبت كونه من الثقات المتقنين المكثرين، فالأصل: أن نقبل ما
¬_________
(¬1) أخرجه أحمد (6/ 214، و 7/ 280 رقم: 3688، 4248) والبخاري (رقم: 125، 4444، 6867، 7018، 7024) ومسلم (رقم: 2794) والترمذي (رقم: 3141) والنسائي في " التفسير " (رقم: 319) والهيثم بن كليب الشاشي (رقم: 369) وأبو يعلى (9/ 267 رقم: 5390) والبزار (رقم: 1529) وابن أبي عاصم في " السنة " (رقم: 592، 593) وابن جرير في " تفسيره " (15/ 155) والطبراني في " الصغير " (رقم: 981) وابن حبان (رقم: 98) والواحدي في " أسباب النزول " (ص: 299) من طرق عِدة عن الأعمش.
وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".
(¬2) أخرجه أحمد وابنه عبد الله (7/ 13 رقم: 3898) ومسلم (4/ 2153) وابن أبي عاصم في " السنة " (رقم: 593، 594) وابن حبان (رقم: 97).

الصفحة 714