كتاب تحرير علوم الحديث (اسم الجزء: 2)

والمعنى فيه: أن يروي الحديث ثقتان، فيجريه أحدهما على المعتاد في أسانيد شيخه، والآخر على غير المعتاد منها.
فمن خرج به عن المعتاد، فذلك قرينة على إتقانه للرواية، إذ مثل ذلك يحتاج حفظه إلى مزيد احتياط، ولا يتفطن إليه متيقظ، بخلاف ما جاء على الجادة.
وقد قال أحمد بن حنبل في مثال هذا: " أهل المدينة إذا كان حديث غلط يقولون: ابن المنكدر عن جابر، وأهل البصرة يقولون: ثابت عن أنس، يحيلون عليهما " (¬1).

وهذه أمثلة:

المثال الأول، ويدخل في غير شيء من علل الحديث: حديث سمرة بن جندب في كفارة تفويت الجمعة.
رواه قتادة، واختلف عليه، فرواه همام بن يحيى، عنه، عن قدامة بن وبرة، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " من فاتته الجمعة فليتصدق بدينار، أو بنصف دينار "، وفي لفظ: " من ترك جمعة من غير عذر، فليتصدق بدينار، فإن لم يجد فنصف دينار " (¬2).
تابع هماماً عليه إسناداً ومتناً: حجاج بن حجاج الباهلي الأحول (¬3)، وهو ثقة.
ورواه خالد بن قيس بن رباح، فقال: عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، به (¬4).
¬_________
(¬1) أخرجه ابن عدي في " الكامل " (2/ 306، و 5/ 499 _ 500) وإسناده جيد.
(¬2) أخرجه أحمد (33/ 277، 330 رقم: 20087، 20159) وأبو داود (رقم: 1053) والنسائي (رقم: 1372) وغيرهم، واستوعبتُ بيانه في كتاب " علل الحديث ".
(¬3) أخرجه البخاري في " تاريخه " (2/ 2 / 176).
(¬4) أخرجه أبو داود في " المسائل " (ص: 296) والنسائي في " الكبرى " (رقم: 1662) وابنُ ماجة (رقم: 1128) والبيهقي (3/ 248).

الصفحة 743