لكن قد يفيد الشبه شبهة توجب مزيد تحر، وربما كشفت عن علة قادحة.
قال ابن رجب: " حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث، ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم، لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان، ولا يشبه فلان، فيعللون الأحاديث بذلك " (¬1).
قلت: ومن مثاله: ما رواه أبو بكر الحنفي، حدثنا عاصم بن محمد بن زيد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قال الله تعالى: إذا ابتليت عبدي المؤمن ولم يشكيني إلى عواده، أطلقته من إساري، ثم أبدلته لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه، ثم يستأنف العمل " (¬2).
قال الحافظ أبو الفضل بن عمار الشهيد: " هذا حديث منكر، وإنما
¬_________
(¬1) شرح علل الترمذي (2/ 756).
(¬2) أخرجه الحاكم (1/ 348 _ 349 رقم 1290) وعنه: البيهقي في " الكبرى " (3/ 375) و " الشعب " (6/ 547 و 7/ 187 _ 188 رقم 9239، 9943) قال: حدثني بكر بن محمد الصيرفيُّ بمكة، حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله، حدثنا علي بن المديني، حدثنا أبو بكر الحنفي، به.
قال الحاكم: " حديث صحيح على شرْط الشيخين ولم يخرجاه "، وقال البيهقي في " الشعب ": " إسناد صحيح ".
قلت: كذا قالا، وليْس كذلك كما سيأتي.
وعزاه أبو الفَضل بن عمار الشهيد في " علل الأحاديث في كتاب التصحيح " (ص: 117 _ 118) إلى " صحيح مسلم "، وليس في شيء من نُسخه، ولائقٌ أن لا يكون فيه، فلعل مسلماً أدخله أولاً ثم رفعه لما كشف علته، فبقي في نُسخة وقف عليها ابنُ عمار، ولذا أيضاً استدركه الحاكم، ونبّه البيهقي أنه ليس في " الصحيح " وتوالى طائفة على نفيِ وُجوده فيه.