التهلكة، وقيل: إذا طلب الشهادة وخلصت النية فليحمل؛ لأن مقصوده واحد منهم (¬1) ، وذلك بَيِّنٌ في قوله -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207] .
وقال ابن خوايز منداد (¬2) : «فأما أن يحمل الرجل على مئة أو على جملة العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين والخوارج، فلذلك حالتان: إن علم وغلب على ظنه أنه سيقتل من حمل عليه وينجو فحسن، وكذلك لو علم وغلب على ظنه أنه يقتل، ولكن سينكي نكاية أو يؤثر أثراً ينتفع به المسلمون فجائز -أيضاً-، ولما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة، قال رجل من المسلمين: ضعوني في الحَجَفَة وألقوني إليهم، ففعلوا، فقاتلهم وحده وفتح الباب» .
قال القرطبي: «ومن هذا: ما روي، أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أرايت إن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً؟ قال: «فلك الجنة» ، فانغمس في العدو حتى قتل (¬3) .
ونقل ما في «صحيح مسلم» (¬4) عن أنس بن مالك، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش، فلما رهقوه، قال: من يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة؟ فتقدم رجل من الأنصار، فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما أنصفنا أصحابنا» ، قال: «هكذا الرواية: «أنصفنا أصحابنا» ، وروي بفتح الفاء ورفع
¬_________
(¬1) قارنه بـ «أحكام القرآن» (1/116) لابن العربي، و «التحرير والتنوير» (2/ 215-217) لابن عاشور.
(¬2) في كتابه «أحكام القرآن» .
(¬3) أخرجه البخاري: كتاب المغازي: باب غزوة أحد (رقم 4046) من حديث جابر بن عبد الله.
(¬4) كتاب الجهاد والسير: باب غزوة أحد (رقم 1789) .