كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 3)

بصورة مرضية هائلة شرسة، وتهشمت النصرانية في عقر دارها وتحطمت سيطرتها، واستحال الوضع إلى إلحاد صريح أو شك غامر، أو تحير مضطرب، وقد حف بهذه النظرية من وسائل الدعوة والترويج ما جعل لها شعبية هائلة بين الناس الذين تلقفوها لتكون دينًا جديدًا بدلًا من الدين النصراني المحطم.
وقد دون مؤلف تاريخ الفكر الأرووبي الحديث بعض آثار نظرية داروين في شتى المجالات، ومن ذلك أنها كانت تكذيبًا للدين المسيحي "النصراني" وخاصة في سفر التكوين (¬١) الذي يتضمن أن البشر تناسلت من آدم عليه السلام، الذي خلقه اللَّه تعالى من طين.
وذلك أن مهاجمة داروين للدين كانت بعد أن تهيأت له الأرضية القابلة لذلك (إن الضربات التي سددها لايل وداروين للدين، إنّما سدداها إلى جسم رضه المؤرخون الوضعيون والنقاد الدينيون الرض الشديد) (¬٢).
(الداروينية قد هدمت جميع القيم باستئصالها القصد والغاية في الكون) (¬٣).
(ويحدثنا الكاتب الفكتوري ونوود زيد في أحد كتبه عن انتحار شاب بسبب تأثره بـ "ملتوس وداروين" وقد جلد ذاك الشاب كتابيهما بجلد كئيب الألوان وسمى كتاب ملتوس "مبحث في السكان" بكتاب الشك، وكتاب "أصل الأنواع" كتاب اليأس) (¬٤).
ثم يضيف بعد ذلك قائلًا: (تطورت المناظرات حول نظرية النشوء
---------------
(¬١) انظر: كتاب "العلم يدعو للإيمان"، وكتاب "الإنسان والداروينية"، وكتاب "اللَّه يتجلى في عصر العلم"، وكتاب "مذهب النشوء والارتقاء في مواجهة الدين"، وكتاب "أصل الإنسان وسر الوجود"، وكتاب "خلق لا تطور: الإنسان ابن آدم وليس ابن قرد" لفريق من العلماء، وكتاب "مصرع الداروينية".
(¬٢) انظر: تاريخ الفكر الأوروبي: ص ٤١٩ طبعة دار القارئ العربي.
(¬٣) و (¬٤) المصدر السابق: ص ٤١٩ من الطبعة نفسها.

الصفحة 1549