كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 3)

أن هناك إلهًا هو الذي خلق الكون والحياة وخلق الإنسان، وأن للإنسان خاصة دوره الكبير في هذه الحياة، وأن اللَّه خلقه وكرمه وفضله على كل كائنات الأرض، وأعطاه صفات وميزات ليست لغيره من المخلوقات منها النطق والتفكير والتأمل والروح وسائر المعنويات، وكانت هذه القضية ثابتة عندهم، رغم ما في فروعها من ضلالات وخرافات جاءت من التحريف لدين المسيح عليه السلام.
وعلى الرغم الصراع الطويل والبغضاء المتزايدة بين العلم والكنيسة إلّا أن جماهير الناس كانوا في صف الدين والكنيسة والأخلاق والتقاليد، فلما جاء داروين وكان جسد الكنيسة مرضوضًا قد نالت من قواه سهام الحروب الطويلة، جاء داروين ونشر نظريته فزلزل العقيدة النصرانية المبنية على خرافات عديدة، وضعضع الأفكار من أساسها، ومزق القيم والأخلاق، ووجدت الجماهير أن هذه النظرية تفكها من أسر الكنيسة ورجال الدين وتخلصهم من نيرها المرهق وسلطانها الجائر، وأيًا كانت طبيعة هذا الصراع ودوافعه، فإنه يعتبر تحولًا كبيرًا في حياة الغرب، الذي أصبح له الهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية على غيره، مما أدى إلى انتشار نظرية داروين ومقتضياتها وإيحائتها في العالم كله، وتركت في حياة الناس نتائج خطيرة بالغة الخطورة، وكان أظهر نتائجها:
١ - زعزعة الإيمان باللَّه تعالى وجودًا وألوهية.
٢ - نفي خلق اللَّه تعالى للكون والإنسان.
٣ - نفي قضية الغاية والقصد من وجود الخلق عامة والإنسان خاصة.
٤ - نفي إنسانية الإنسان ورفعته وسموه وروحانيته والقول بأنه حيوان كسائر الحيوانات.
٥ - نفي ثبات أي عقيدة أو فكرة أو نظام أو خلق، والقول بالتطور المطلق والصيرورة الدائمة.
٦ - زعزعة كل شيء كان راكزًا من قبل وتحطيم كل ما كان راسخًا مكينًا.

الصفحة 1553