كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 3)
أخبار صدق سواء ما مضى منها أو ما هو قائم الآن أو ما سوف يأتي، ويحصل ذلك -فقط- حين تتفتح بصيرة الإنسان للإيمان باللَّه تعالى.
(ويصرف النظر عن الاتجاه المادي الحالي في الغرب، الذي يريد أن يقصر الإنسان على ما تدركه حواسه فحسب -أي على الجانب المادي الحيواني منه- فإن البشرية في أعصرها كلها قد آمنت بوجود كائنات خفية لا تدركها الحواس، وتصوَّرَتْها في صور شتى بما تملي لها طاقة الخيال.
ويكفي أن نثبت أن هذا الاتجاه المادي ذاته لم يستطع أن يقتلع من كيان الإنسان إيمانه بما لا تدركه الحواس، فقد لجأ إلى بين من ألوان الغيب يسد به الفراغ الناشيء من الإيمان باللَّه (¬١)، حين آمن بالطبيعة أو غيرها من القوى الغيبية التي تحكم الكون) (¬٢).
أمّا البلة المقلدون للغرب فإنهم لا في العير ولا في النفير، إنّما سمعوا قولًا قاله أسيادهم فرددوه وأشربت قلوهم أهواء وشبهات سرت إليهم في غفلة منهم عن دينهم، وغيبوبة من عقولهم، فأذعنوا وانقادوا واتبعوا أمر إله الغرب المادي، وما أمره برشيد! ! .
وسوف نرى في بقية هذا الفصل خطوات التقليد والمحاكاة التي مارسها أتباع الأدب الحداثي في كتاباتهم المستنسخة من الغرب، في هذه القضية الكبيرة: قضية الغيبيات.
وتتجلى انحرافاتهم في هذه القضية في عدة أوجه:
الأول: جحد الغيبيات الحقيقية الثابتة التي جاء بها الإسلام.
الثاني: جعل الإيمان بالغيبيات الحقيقية تخلفًا ورجعية.
الثالث: السخرية بالغيبيات الحقيقة وبالمؤمنين بها.
---------------
(¬١) لعل كلمة "ترك" أسقطت من السياق، وبإضافتها يستقيم المعنى على هذه النحو "الفراغ الناشيء من ترك الإيمان باللَّه".
(¬٢) المصدر السابق: ص ١١٠.
الصفحة 1564
2321