كتاب الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها (اسم الجزء: 3)
وهو إذن يرفض فكرة الثواب والعقاب، ويرفض تبعًا لذلك أن يصلي أو يصوم، شأن الآخرين طمعًا في الجنة وحورها العين. . .) (¬١).
هذه مؤهلات التميز التي جعلت أدونيس يخصص مباحث من كتابه تلمود الحداثة "الثابت والمتحول" للحديث عن الرصافي وكل يميل إلى شكله كأنس الخنافس بالعقرب! .
ثم يخلص في تعليماته الجاهلية لأتباعه الجاهلين -ولا أستثني أحدًا من الحداثيين- فيشرح لهم قضية محاربة "السائد" ومقاومة "الصورة السائدة" وهي عبارات لا تكاد تنفك عن أي حداثي.
يقول أدونيس: (أعني بالصورة السائدة، المفهومات والأحكام التي تتبناها المؤسسة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو ثقافية، وتحافظ عليها وتدافع عنها، ويدخل في تكون هذه الصورة عاملان أساسيان: غيبي وهو الدين وتاريخي. . .) (¬٢).
ويصف في ديوانه حالة متخلف -حسب نظرية المادية- ويعلق تلك الحالة بإيمانه بالغيب فيقول:
(ماش على أجفانه سادرًا
يجر مديد آهاته
تلطمه الحيرة أنى مشى
كأنها سكنى لخطواته
علق بالغيب فأجفانه
رملية الأفق
كأنما من بأسه شمسه
---------------
(¬١) الثابت والمتحول ٣/ ٦٥.
(¬٢) المصدر السابق ٣/ ٢٧٥.
الصفحة 1568
2321